يقال: كَسبتُ الرجلَ مالاً فكَسَبَه، و هذا أحد ما جاء على فَعَلْتُه ففَعَلَ۱، و الكواسب جوارح الطير، و تَكسَّبَ تَكلّف من الكسب. و «الحلال»: المباح، و استعماله في الشرعيّات أكثر، و كأنّه مستعار من حلّ العقدة ؛ لأنّ المحرّم كأنّه معقود عليه، و الحلال كأنّه محلول العقدة. و «الفريضة»: ما يُفرَض عليك أي يوجَب، يقال: فَرَضَ اللّه عليه كذا و افتَرض أي أوجَب، و حقيقة الفريضة: الواجب المبيَّن قدره على المفروض عليه، و فَرَضَ الحاكمُ النفقة للمرأة، و فرضتُ للرجل إذا قطعت له من مال /۶۷/ الفيء، و أصل الفرض الجَزّ و القطع.
و معنى الحديث و اللّه أعلم: أنّ كسب الحلال بعد تأدية ما وظّف على المسلم و اُوجب عليه عِلما و عَملاً كالمفروض عليه سدّا لخَلَّته۲ و رَمّا۳ لفاقته ؛ لئلاّ يكون كَلاًّ على الناس، و يستغني به عن السؤال و الاستسعاف و الإبداء بالإلحاف، و يؤيِّد هذا المعنى قوله عليهالسلام: لا تحلّ الصدقة لغنيّ و لا لذي مِرَّة۴ سويّ.۵
و مَدَحَ اللّه تعالى قوما بالتصوّن عن السؤال فقال: «يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافا»۶.
و الحديث يدلّ على الترغيب في صيانة ماء الوجه و الانكفاف عن التبذّل و التعرّض للناس و استغنام أموالهم.
و فائدة الحديث: الحثّ على الكسب من الحلال۷ بعد أداء المفروضات.
1.. «ألف» : ـ ففَعَلَ .
2.. الخَلَّة : الحاجة و الفقر . لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۲۱۵ خلل .
3.. الرَّمُّ : إصلاح ما فسد و لَمُّ ما تفرّق . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۲۵۲ رمم .
4.. المِرَّة : القوّة ، و قُوَّة الخَلق و شدّته ، و قوّة العقل أيضا . انظر : لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۱۶۸ مرر .
5.. مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۱۶۴ و ۱۹۲ و ۳۸۹ ؛ و ج ۳ ، ص ۳۱ ؛ و ج ۵ ، ص ۳۷۵ ؛ سنن الدارمي ، ج ۱ ، ص ۳۸۶ ؛ سنن ابنماجة ، ج ۱ ، ص ۵۸۹ ، ح ۱۸۳۹ ؛ سنن أبي داود ، ج ۱ ، ص ۳۶۹ ، ح ۱۶۳۴ .
6.. البقرة ۲ : ۲۷۳ .
7.. «ب» : كسب الحلال .