189
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

۴۹.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: الأَمانَةُ تَجُرُّ الرِّزقَ، وَ الخيانَةُ تَجُرُّ الفَقرَ.۱

يحتمل هذا الحديث وجهين:

أحدهما: أن يكون المعنى أنّ الرجل إذا طارَ صِيته۲ بالأمانة، و طاب ذِكره بالصيانة، رغب الناس في معاملته، فكثر حرفاؤه و معاملوه، و زَكَتْ تجارته، و كان ذلك سببا لرزقه و التوسّع فيه، و بالعكس من ذلك.

و الوجه الآخر: أنّه إذا أدّى الأمانة، و تجنّب الخيانة، و راقب جانب اللّه‏ تعالى فيما يأتي و يذر، بارك اللّه‏ تعالى۳ له فيه، و وسّع عليه رزقه، /۴۰/ و بالضدّ من ذلك، و يكون نسبة الجرّ إلى الأمانة و الخيانة على معنى أنّهما السبب في ذلك.

و فائدة الحديث: الأمر بالأمانة، و النهي عن الخيانة، و التخويف۴ منها.

و راوي الحديث: زيد بن خالد، و رواه في الخُطبة الّتي ذكرها.

۵۰.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: الصُّبحَةُ تَمنَعُ الرِّزقَ.۵

«الصَّبحة» و «الصُّبحة» بالفتح و الضمّ: نوم الغداة، و كأنّها بالفتح المصدر و بالضمّ الاسم.

و معنى الحديث: أنّ الغدوة شباب النهار و عنوان المدّة الّتي يَنتدب فيها /۴۱/ العاقل لاكتساب ما يعوَّل۶ عليه دينا و دنيا ؛ إذ هي موسم الذِّكر و الشكر، و مَظِنَّةُ الانتعاش لطلب

1.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۷۲ ، ح ۶۴ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۶۱ ، ح ۵۴۹۹ ، تحف العقول ، ص ۲۲۱ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۵ ،ص ۱۱۴ ، ح ۶ ؛ و ج ۷۸ ، ص ۶۰ ، ح ۱۳۸ .

2.. «ألف» : إذا أرضيته .
و الصِّيت : الذِّكر الحسن ، يقال : ذَهَبَ صيته في الناس أي ذكره . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۵۸ صوت .

3.. «ألف» : ـ تعالى .

4.. «ب» : ـ الأمر بالأمانة ، و النهي عن الخيانة ، و التخويف .

5.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۷۳ ، ح ۶۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۷۳ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۳۱۲ ، ح ۲۰۴۰ ؛ و ج ۲ ،ص ۱۱۳ ، ح ۵۱۲۹ . الرواشح السماوية ، ص ۲۸۵ .

6.. «ب» : يعود .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
188

سأل، و قد يُستعمل القُنوع بمعنى الرضا. قال:

و قالوا قد زُهيتَ۱ فقلتُ كلاّ

و لكنّي أعزّني القُنوع۲

و قال لبيد:

فمنهم سعيد آخذ بنَصيبهِ

ومنهم شقيٌّ بالمعيشة قانعُ۳

و في المَثَل: خير الغنى القُنوع، و شرّ الفقر الخضوع۴.۵

أراد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّ القناعة و الرِّضا بما قسم اللّه‏ تعالى أحد المالَين، ثمّ هو مال لا ينقصه الإنفاق، و لا يتطرّق إليه الآفات ؛ و لا يفيد هذا الحديث اعتزال الإنسان، و انتباذَه ناحيةً، و تعطّله عن المكاسب المجدية عليه، كيف و هو مندوب إلى الضدّ من ذلك، و عقله الّذي هو قدوة رأيه يتقاضاه به فضلاً عن الشرع الّذي يحثّه عليه ؛ ليقيم به۶ العبادات، و يتمكّن من أداء الواجبات ؛ لأنّ صلاح دينه و دنياه مربوط بذلك كفّا لنفسه، و صيانةً لماء وجهه، و توفيرا لحرمته، و إعزازا لدينه، و إحرازا۷ ليقينه.

و فائدة الحديث: الحثّ على القناعة، و الرِّضا بما قسم اللّه‏ تعالى، و ظلف النفس عن التطلّع إلى ما وراء ذلك ممّا يَسوء حمله و يَنوء۸ ثقله.

و راوي الحديث: أنس.

1.. «ب» : ذهيت .

2.. مجمع الأمثال للميداني ، ج۱ ، ص۲۵۴ ؛ الاقتضاب في شرح أدب الكتاب ، ج۱ ، ص۲۵۰ ؛ الصحاح للجوهري ، ج ۳ ،ص ۱۲۷۳ قنع .

3.. الأوائل ، ص۱۰۸ ؛ الشعر و الشعراء ، ج۱ ، ص۲۷۱ ؛ مجمع الأمثال ، ج۱ ، ص۲۵۴ .

4.. «ب» : الخنوع .

5.. نفس المصدر .

6.. «ب» : ـ به .

7.. «ب» : إحزازا .

8.. ناءَ بحِمله ينوء : نهض بجَهد و مشقّة ، و ناء به الحِملُ إذا أثقله ، و قالوا : له عندي ما ساءَه و ناءَه أي أثقله ، و يسوؤه وينوؤه . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۱۷۴ و ۱۷۵ نوأ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2120
صفحه از 503
پرینت  ارسال به