167
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

الوداع: العاريَّة مؤدّاة، و المِنحة۱ مردودة، و الدَّين مقضيّ، و الزعيم غارم.

۳۵.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: الرِّفقُ رَأسُ الحِكمَةِ.۲

«الرفق» يُستعمل في التثبّت في الأُمور، و يكون ضدّه الخُرق ؛ و يستعمل في معنى اللين و حسن المعاملة، و يكون ضدّه العنف. و «الحكمة»: العلم.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: /۳۱/ الرفق في الاُمور و التثبّت فيها و حسن المعايشة و طيب المخالقة من أوائل درجات الحكيم. و لَعَمري إنّه كما قال عليه‏السلام ؛ فإنّ أوّل ما يَتحلّى به الرجل من خصال الخير الرفق و السكون، و خفض الجناح، و معاملة الناس بالأرفق الأوفق، و تجنّب المعاسرة و المناكدة۳ و الخرق و الطَّيش۴ ؛ و ما بعد ذلك من درجات الحكمة يتأخّر عنه و يترتّب عليه، فلذلك جعله رأسا، و يجوز أن يكون المعنى أنّ الرفق أفضل الحكمة۵، كما أنّ الرأس أفضل الجسد، و كفاك حثّا على الرفق أمر اللّه‏ تعالى نبيَّين معصومَين مرسلين يوجّههما إلى أعتى۶ الناس و أغياهم و أذهبهم في غُلواء۷ الجهل بالرفق و اللين حيث

1.. المَنح : العطاء ، يقال . . . و الاسم المِنحة ـ بالكسر ـ و هي العطية . مجمع البحرين ، ج ۲ ، ص ۴۱۵ منح .
قال أبو عبيد : المنحة عند العرب على معنيين : أحدهما أن يعطي الرجل صاحبه المال هبةً أو صلةً فيكون له ، و المنحةالاُخرى فأن يمنح الرجل أخاه ناقة أو شاة يحلبها زمانا و أياما ثم يردّها ، و هو تأويل قوله في الحديث الآخر : المنحة مردودة ، و العارية مؤدّاة . لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۶۰۷ (منح) .

2.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۶۴ ، ح ۵۱ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۶ ، ص ۸۶ ، ح ۶ ؛ البداية و النهاية ، ج ۲ ، ص ۱۵۲ ؛الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۵ ، ح ۴۵۲۹ ؛ عوالي اللآلي ، ج ۱ ، ص ۳۷۱ ، ح ۷۹ ؛ و عنه في بحار الأنوار ، ج ۷۲ ، ص ۳۵۲ ، ح ۶۲ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۵ ، ح ۱۳۰۷۴ .

3.. النَّكَد : الشُّؤم و اللؤم و كلّ شيء جرّ على صاحبه شرّا ، و نَكِدَ عَيشُهم : اشتَدَّ . و ناكَدَه فلان و هما يتناكدان إذا تَعاسَرا . انظر : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۴۲۷ نكد .

4.. الطَّيش : خفَّة العقل . لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۳۱۲ طيش .

5.. «ألف» : ـ يتأخر عنه . . . أفضل الحكمة .

6.. «ألف» : أعنى .
قال : ابن الأعرابي : عنا يعنو إذا أخذ الشيءَ قهرا . و عنا يعنو عنوةً فيهما إذا أخذ الشيء صلحا بإكرام و رفق . لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۱۰۱ عنو .

7.. الغُلواء: سرعة الشباب ، و الغُلواء : الغلوّ . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۱۳۳ و ۱۳۴ غلو .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
166

و قد غَرِم الرجُلُ كذا و كذا فهو «غارم»، و فلان مُغرَم بكذا أي لازم له مولَع به، و يقال لمن عليه الدَّين: غريم لأنّ الدَّين يلزمه، و لمن له الدَّين غريم لأنّه يلزم المُدان.

فمعنى الحديث: أنّ الكفيل تلزمه الغرامة إذا قصّر المكفول عنه۱ في التخلّص إلى صاحبه عن حقّه.

و قيل: الكفالة أوّلها غرامة، و أوسطها ندامة، و آخرها ملامة.۲

و يحتمل وجها آخر و هو أن يكون الزعيم۳ بمعنى السيّد و المقدّم و الرئيس، فيكون المعنى: أنّ من تصدّى لرئاسة قوم، و وُطِئَ عَقِبُه، و نُظر مكانُه، لزمته المؤونات، و وجبت عليه الغرامات. و قيل: «الغرام: الهلاك»۴، و فُسّر عليه قوله تعالى: «إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاما»۵ أي هلاكا و هو قول أبي عبيدة،۶ فيكون المعنى على هذا أنّ رئيس القوم إذا فَتح بابَه لهم لزمه أن يراقبهم حقّ المراقبة، و يراعيهم حقّ المراعاة، و أن يُنصِف مظلومَهم، و يعطي محرومهم، و يوقِّر كبيرهم، و يرحم صغيرهم، و يقصّر الأيدي الغاشمة۷ عنهم، و ينظر لهم كما ينظر لنفسه ؛ لأنّهم الرعيّة و هو المسترعي، فإذا قَصّر في شيء من ذلك فقد هلك.

و فائدة الحديث: الحكم أنّ الكفيل قد۸ تلزمه الغرامة، و أنّ السيّد بعرض غرامات أصحابه، و حمل الأثقال عنهم، و الإنفاق عليهم، و الإحسان /۳۱/ إليهم، و المراعاة لهم.

و راوي الحديث: أبو أُمامة، قال: سمعت رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يقول في خطبته عامَ حجّة

1.. «ب» : ـ عنه .

2.. المجموع للنووي ، ج ۱۴ ، ص ۲۲ .

3.. «ألف» : الغريم .

4.. اُنظر : مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۴۲۳ فكه .

5.. الفرقان ۲۵ : ۶۵ .

6.. نقل عنه النحّاس في معاني القرآن ، ج ۵ ، ص ۴۷ .

7.. الغَشْم : الظلم و الغصب ، غَشَمَهم يَغشِمهم غَشْما . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۴۳۷ (غشم) .

8.. «ألف» : ـ قد .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2189
صفحه از 503
پرینت  ارسال به