و لا يبعد أن يكون اشتقاق الهمِّ منه، و يقال: إنّ الهمّ فيما يُتوقّع، و الحزن على ما وقع. و «الهَرَم»: كبر السنّ و سقوط المنيّة.
يقول صلىاللهعليهوآله مبيِّنا صعوبةَ أمر الهمّ و الحزن و ناهيا عن التعرّض /۲۱/ لما يجلبه و يوجبه: إنّ الهمّ في شدّة تأثيره و قوّة توهينه للإنسان و القعود۱ به عن النهوض بما هو بصدده بمنزلة نصف الشيخوخة الّتي تهُدُّ۲ الأركان، و تُوهي البنيان، و تُسقط القوّة، و تُضعف المنّة.
و بناء الكلام على النهي عن تعرّض ما يوجب الهمّ و يقتضيه.
و قد أشار الشاعر إلى هذا المعنى بقوله:
فمَن سرّه أن لا يرى ما يَسوؤه
فلا يَتّخذ شيئا يَخاف له فقدا۳
و عن أمير المؤمنين عليهالسلام: أشَدُّ خَلقِ رَبِّك عشرةٌ: الجبالُ الرواسي، و الحديدُ يَنحِت الجبالَ، و النارُ يَأكُل الحديدَ، و الماءُ يُطفيٌ النارَ، و السَّحابُ المسخَّرُ بينَ السماءِ و الأرضِ يَحمِل الماءَ، و الريحُ يَنقُل السَّحابَ، و الإنسانُ يَتّقي الريحَ بيده و يَذهب فيها لحاجته، و السُّكرُ يَغلِبُ الإنسانَ، و النَّومُ يَغلب السكرَ، و الهَمُّ يَمنع النومَ، فأشَدُّ خَلقِ ربّك الهَمُّ.۴
و «العِيال»۵: مَن يَعولهم الرَّجل أي يَقوتهم، يقول: عالَ عِيالَه عَوْلاً و عِيالةً إذا قاتهم و
1.. «ألف» : التعوّد .
2.. الأصمعي : هَدَّ البناءَ يهُدُّه هَدّا إذا كسره و ضَعضعه . لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۴۳۲ هدد .
3.. لعبيد اللّه بن عبد اللّه بن طاهر . أنس المجنون و راحة المحزون ، ص۲۴۵ ؛ تحفة الملوك ، ج۲ ، ص۵۴۵ ؛ التذكرة الحمدونية ، ج۸ ، ص۱۰۵ ؛ التمثيل والمحاضرة ، ص۷۵ ؛ ثمار القلوب في المضاف و المنسوب ، ص۵۵۸ ؛ شرح مقامات الحريري ، ج۲ ، ص۱۰۸ ؛ كشكول البهائي ، ج۳ ، ص۲۸۱ ؛ اللطائف و الظرائف ، ص۲۳ ؛ محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء ، ج۱ ، ص۶۰۰ ؛ نهاية الإرب في فنون الأدب ، ج۳ ، ص۱۰۱ ؛ تاريخ الإسلام للذهبي ، ج ۲۲ ، ص ۲۰۰ .
4.. مجمع الزوائد ، ج ۸ ، ص ۱۳۲ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۱ ، ص ۲۷۶ ؛ كنز العمّال ، ج ۶ ، ص ۱۷۷ ، ح ۱۵۲۵۲ مع اختلافيسير في اللفظ .
5.. و لا يقال : العائلة؛ و كم شاعَ خطأً مُنذُ القديم ؛ لأنّ العائلة هي المرأة الفقيرة ، و الرجُل عائلٌ أي فقيرٌ قال تعالى : «وَوَجَدَكَ عائلاً فَأغنى» (عبد الستّار) .