133
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

عليه، و لا تتقاضاه بالمعاصي و الشهوات المهلكة. و «الشرّ» على تنوّعه و تفنّنه معلوم سقوطه، و قد غَرَّز اللّه‏ تعالى في الطبائع البشريّة معرفة الشرّ و تذمّم النفس منه، فهي عارفة بخسّته و سقوطه و رذالته و نَذالته۱ و إن كانت الشهوة داعيةً إليه و حاثّةً عليه، فمتى غَلَبَ الشهوةُ على المعرفة واقع المعصية و بالعكس منه، و إن كان سقوط الشرّ معلوما و۲ لا يتخالج الشكّ فيه، فمواقعته۳ مع المعرفة و العلم به لِجاج يَلِجّه، و تَمادٍ يتماداه، و۴ إصرار يُصِرّه، /۱۴/ و غشاء يغشِّيه بصرَ بصيرته۵، أعاذنا اللّه‏ تعالى من ذلك.۶

و الحديث مشتمل على إخبار يتضمّن أمرا و نهيا، فكأنّه عليه‏السلام يقول: اعتد الخير، و لا تلجَّ في /۱۶/ طلب الشرّ.

و فائدة الحديث: الترغيب في تعوُّد۷ الخير و تسوية النفس عليه و تمرينها له، و الترهيب من الشرّ و الإصرار عليه والملاجّة فيه.

و راوي الحديث: معاوية بن أبي سفيان.

۱۳.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: السَّماحُ رَباحٌ، و العُسرُ شُؤمٌ.۸

«السَّماح» و السَّماحة: الجود، يقال: سَمَحَ فلان بكذا أي جاد به۹، و ما كان سمْحا فسَمُح. و «الرَّباح» هو الرِّبح، يقال: رِبحٌ وَ رَبَحٌ و رَباح. و «العُسر»: الشدّة و الضِّيق،

1.. النَّذالة : السَّفالة . لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۶۵۶ نذل .
في الحديث إذا ارتحل الضيف فلا تعينوه ؛ فإنّه من النذالة أي الخساسة . مجمع البحرين ، ج ۵ ، ص ۴۸۰ (نذل) .

2.. «ألف» : ـ و .

3.. «ب» : فموافقته .

4.. «ألف» : بصره ببصيرته .

5.. «ألف» : تعوُّد .

6.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۸ ، ح ۲۳ ؛ ميزان الاعتدال ، ج ۲ ، ص ۳۸۸ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۷۰ ، ح ۴۸۲۴ ؛ كنزالعمّال ، ج ۶ ، ص ۳۶۱ ، ح ۱۶۰۶۰ . و راجع : مستدرك سفينة البحار ، ص ۱۴۳ .

7.. «ب» : ـ به .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
132

و قيل: التقوى الفرار من المحرّمات، و التوقّف عند الشبهات.

و فائدة الحديث: أنّه۱ عليه‏السلام ينبِّه۲ على أنّ الأحساب الّتي يُتفاخر بها تؤول إلى كثرة المال، فأينما وُجد المال حكم لصاحبه بالحسب الرفيع و الشرف الشامخ المنيع، و غُطّي على خسيسته أو على أنّ سبب الأحساب المال، و يبيِّن عليه‏السلام على أنّ الكرم على الحقيقة هو التُّقى و مراقبة جانب اللّه‏ تعالى، لا إنفاق الرجل ماله، و توفيره على المستحقّ و غير المستحقّ، و التبذير فيه على حسب ما يتعارفه العرب و يعدّه كرما.

و راوي الحديث: بُرَيدة رضى‏الله‏عنه.

۱۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: الخَيرُ عَادَةٌ، و الشَّرُّ لَجاجَةٌ.۳

«الخير» عبارة عن أعمال البِرّ و المساعي المحمودة. و «اللَّجاجة»: اللجاج، و معناها: التَّمادي في الشيء المذموم المكروه و الإصرارُ عليه.

يقول عليه‏السلام: يصير۴ الإنسان خيّرا بأن يتكلّف۵ الخير، و يروِّض نفسَه و يمرّنها عليه حتّى يتطبّع۶ ذلك فيها، فيصير أوّلاً عادةً و ثانيا۷ طبيعةً ؛ فإنّ العادة طبيعة ثانية، فإذا تطبّعت نفسُه على الخير، و صار الخير لها مَرِنا۸، قدَر عليها، و صار زمامها بيده، لا تستَعصي

1.. «ألف» : ـ أنّه .

2.. يقرأ في «ألف» : تنبّه .

3.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۷ ، ح ۲۲ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۸۰ ، ح ۲۲۱ ؛ صحيح ابن حبّان ، ج ۲ ، ص ۸ ، ح ۳۰۹ . وفي تحف العقول ، ص ۸۶ ؛ عيون الحكم ، ص ۲۰۲ : «الخير عادة» بدون الفقرة الثانية .

4.. «ب» : ـ يصير .

5.. «ألف» : إذا تكلَّف .

6.. «ب» : ينطبع .

7.. «ألف» : ثانيةً .

8.. في هامش «ب» : من المُرون أي عادةً .
المَرِنُ مصدر كالحَلِف و الكذب ، و الفعل منه مَرَنَ على الشيء إذا ألِفه فدرِب فيه و لانَ له ، و المَرِن أيضا : الحالُ و الخُلُق . انظر : لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۴۰۳ و ۴۰۴ مرن .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1925
صفحه از 503
پرینت  ارسال به