أوقاتي إلى شرح له شافٍ و تفسير كافٍ، لا صغير مخلّ و لا كبير مملّ ؛ إشفاقا على حديث النبيّ صلىاللهعليهوآله، و إكراما و نظرا له و احتراما، و حُسنَ ظنٍّ منه بربيب نعمته و حليف خدمته، و أمرُه عزمٌ، و حكمه جزم، و الأخذ به حزم، فلم أجد مِن التزامه بُدّا و لا لإشارته مَرَدّا، و رسم إملاء ذلك في خانقاه عمّه الصدر السعيد مجد الدين ناصر الإسلام أبي القاسم عبيد اللّه بن الفضل بن محمود ؛ أنار اللّه برهانه، و ثقّل بخيره ميزانه ۱.
و كان ولدي أحمد ـ أيّده اللّه ـ يحثّني عليه، و يتقاضاني به، و يصرف همّي إليه ؛ فشمّرت عن ساق الجِدّ۲، /۲/ و لم أدّخر ما عندي من الجَهد، و كَسَرتُ عليه۳ هذه الأجزاء تباعةً لحُكمه و امتثالاً لرَسمه، و شرعتُ فيه في صفر سنة ستّ و ثلاثين و خمسمئة، و رأيت أن أُسمّيه ضوء الشهاب، و عسى أن يكون اسما يوافق المسمّى، و لفظا يطابق
1.. مجد الدين أبو القاسم عبيد اللّه بن الفضل بن محمود م ۵۳۵ ه هو باني المدرسة المجدية ، التي بناها في كاشان ، و هيمدرسة عظيمة ضخمة فخمة ، بذل نفقاتها ، و أنفق على طلاّبها و ساكنيها ، فسمّيت المدرسة المجدية باسمه . مدحه السيد الإمام الراوندي في ديوانه كثيرا . و مات في يوم الجمعة السادس من جمادى الآخرة لسنة خمس و ثلاثين و خمسمئة و حمل الى مشهد أردهال ، فدفن هناك للغد ، و صلّى الإمام الراوندي عليه و يرثي بقصيدة في أربعين بيتا . و أخوه الشهيد معين الدين ، مختصّ الملك ، أبو نصر أحمد بن الفضل القاساني الوزير ، كان من وزراء السلطان سنجر بن ملكشاه ؛ و كان ممدّحا ؛ معظّما ؛ مبجّلاً و للقاضي ناصح الدين الأرّجاني فيه المدائح المبتكرة المدوّنة ، و كان كريم الكفّ ، له أخبار حسنة و آداب مستحسنة ، قتل سنة إحدى و عشرين و خمسمئة علي يد بعض الباطنية .
(راجع : ديوان الراوندي ، ص ۳۳ و ۱۹۸ و ۱۶۶ . و لترجمة أخيه الوزير راجع : نقض (طبع دار الحديث) ص ۱۴۳ ؛ ابن الفوطي ، ۵/۲ : ۶۵۱ ؛ نسائم الأسحار للكرماني ص ۶۴ و ۶۹ ؛ و آثار الوزراء للعقيلي ، ص ۲۴۸- ۲۵۱) .
2.. شَمَّرَ الإزار و الثوب تشميرا : رفعه ، و يقال : شمّر عن ساقه و شمَّر في أمره أي خَفَّ . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۴۲۸ شمر .
3.. المراد أنّه جَعل على الكتاب المذكور كِسَرا ـ أي أقساما ـ موزَّعةً عليه . و قولُه «و كَسرتُ عليه هذه الأجزاء» من مستملَح العبارات التي لا يُدرِك حُسْنَها إلاّ صاحب الذوق الأدبي العالي و الحسّ البلاغي الرفيع ممّن أدمن النظر في أساليب البلغاء ، و أدام التتبّعَ لكلام الأَنبياء . عبد الستّار .