109
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

أوقاتي إلى شرح له شافٍ و تفسير كافٍ، لا صغير مخلّ و لا كبير مملّ ؛ إشفاقا على حديث النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، و إكراما و نظرا له و احتراما، و حُسنَ ظنٍّ منه بربيب نعمته و حليف خدمته، و أمرُه عزمٌ، و حكمه جزم، و الأخذ به حزم، فلم أجد مِن التزامه بُدّا و لا لإشارته مَرَدّا، و رسم إملاء ذلك في خانقاه عمّه الصدر السعيد مجد الدين ناصر الإسلام أبي القاسم عبيد اللّه‏ بن الفضل بن محمود ؛ أنار اللّه‏ برهانه، و ثقّل بخيره ميزانه ۱.

و كان ولدي أحمد ـ أيّده اللّه‏ ـ يحثّني عليه، و يتقاضاني به، و يصرف همّي إليه ؛ فشمّرت عن ساق الجِدّ۲، /۲/ و لم أدّخر ما عندي من الجَهد، و كَسَرتُ عليه۳ هذه الأجزاء تباعةً لحُكمه و امتثالاً لرَسمه، و شرعتُ فيه في صفر سنة ستّ و ثلاثين و خمسمئة، و رأيت أن أُسمّيه ضوء الشهاب، و عسى أن يكون اسما يوافق المسمّى، و لفظا يطابق

1.. مجد الدين أبو القاسم عبيد اللّه‏ بن الفضل بن محمود م ۵۳۵ ه هو باني المدرسة المجدية ، التي بناها في كاشان ، و هيمدرسة عظيمة ضخمة فخمة ، بذل نفقاتها ، و أنفق على طلاّبها و ساكنيها ، فسمّيت المدرسة المجدية باسمه . مدحه السيد الإمام الراوندي في ديوانه كثيرا . و مات في يوم الجمعة السادس من جمادى الآخرة لسنة خمس و ثلاثين و خمسمئة و حمل الى مشهد أردهال ، فدفن هناك للغد ، و صلّى الإمام الراوندي عليه و يرثي بقصيدة في أربعين بيتا . و أخوه الشهيد معين الدين ، مختصّ الملك ، أبو نصر أحمد بن الفضل القاساني الوزير ، كان من وزراء السلطان سنجر بن ملكشاه ؛ و كان ممدّحا ؛ معظّما ؛ مبجّلاً و للقاضي ناصح الدين الأرّجاني فيه المدائح المبتكرة المدوّنة ، و كان كريم الكفّ ، له أخبار حسنة و آداب مستحسنة ، قتل سنة إحدى و عشرين و خمسمئة علي يد بعض الباطنية .
(راجع : ديوان الراوندي ، ص ۳۳ و ۱۹۸ و ۱۶۶ . و لترجمة أخيه الوزير راجع : نقض (طبع دار الحديث) ص ۱۴۳ ؛ ابن الفوطي ، ۵/۲ : ۶۵۱ ؛ نسائم الأسحار للكرماني ص ۶۴ و ۶۹ ؛ و آثار الوزراء للعقيلي ، ص ۲۴۸- ۲۵۱) .

2.. شَمَّرَ الإزار و الثوب تشميرا : رفعه ، و يقال : شمّر عن ساقه و شمَّر في أمره أي خَفَّ . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۴۲۸ شمر .

3.. المراد أنّه جَعل على الكتاب المذكور كِسَرا ـ أي أقساما ـ موزَّعةً عليه . و قولُه «و كَسرتُ عليه هذه الأجزاء» من مستملَح العبارات التي لا يُدرِك حُسْنَها إلاّ صاحب الذوق الأدبي العالي و الحسّ البلاغي الرفيع ممّن أدمن النظر في أساليب البلغاء ، و أدام التتبّعَ لكلام الأَنبياء . عبد الستّار .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
108

و الشوارد۱ و الغُرَر و الدُّرر و الشُّنَف۲ و الطُّرف، و لم يتصدّ لشرح مشكله و كشف معضله إلاّ أحد رجُلين: حديثيٌّ قعد به تعلّم العربيّة و مجاريها، و خفيت عنه أغراض۳ البلاغة و مراميها، /۵/ فتفحّص عن أسانيده و رجاله، و لم يحُمْ حول شرحه و حلّ إشكاله ؛ و لغويٌّ اشتغل بظواهره و غفل عن سرائره، فتعرّض للمباني و أعرض عن المعاني، فكان كلا الرجُلَين مقصّرا و عن الواجب مُقصِرا۴ ؛ اللّهمّ إلاّ ما أورده القدماء منه متفرّقا في مصنّفاتهم فشرحوه، و عنوا به فأوضحوه ؛ فإنّه منهم و إليهم، و نحن عيال عليهم، و اللّه‏ُ تعالى يرحمهم، و بالمغفرة يكرمهم.

أمَر الصدرُ الأجلّ العالم بهاء الدين جمال الإسلام سيّد العِراقين أبو عبد اللّه‏ الفضل۵ بن محمد بن الفضل ـ ضاعف اللّه‏ علاه، و كبَّت عداه، و جعلهم فداه۶ ـ أن أصرف بعض

1.. شَرَدَ البعيرُ و الدابّةُ يشرُد شَرادا و شُرودا : نفر ، فهو شارد ، و الجمع شَرَدٌ ، و شَرَدَ الرجُل شُرودا : ذَهَبَ مطرودا ، و قافية شاردة : ذاهبة في البلاد . انظر : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۲۳۶ و ۲۳۷ ؛ المنجد في اللغة ، ص ۳۸۱ شرد .

2.. «ب» : النتف .
الشَّنْفُ : الذي يُلبس في أعلى الاُذن ، بفتح الشين ، و لا تقل شُنْفٌ . لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۱۸۳ شنف .

3.. في المخطوطة : أعراض.

4.. أقصَرَ عن الشيء : تَرَكَه و كفَّ عنه و هو يقدر عليه . لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۹۸ قصر .

5.. «الفضل» غير مقروء في «ب» .

6.. نجم الدين أبو عبد اللّه‏ الفضل بن محمد بن الفضل بن محمود ابن أخي مجد الدين عبيد اللّه‏ بن الفضل هو الذي مدحه عماد الدين الكاتبُ الإصفهاني (ت ۵۹۷ ه) بقاشان بقصيدة . (راجع : الديوان لعماد الدّين الإصفهاني ، ج ۳ ، ص ۱۲۳۱ ۱۲۳۹ ، القصيدة رقم ۲۴۶) . وهو إبن اخِ مجد الدين أبي القاسم عبيد اللّه‏ بن الفضل بن محمود مؤس الخانقاه و المدرسة المجدية . وهو الذي يذكره المؤلّف في السطور الآتية من مقدّمته .
و أيضاً هو الذي مدحه ناصح الدين أبو بكر أحمد بن محمد المعروف ب : القاضي الأرجاني (۴۶۰- ۵۴۴ ه) على قافية الميم من قصيدة :
لأيّ وميض بارقة أشيم و مرعى الفضل في زمنى هشيم؟
أبيت و خدّ ليل الشعر منّي بكفّ الصبح من شيبي لطيم
فعذراً إن تغيّر عهد شعري و قد يُغضي عن الزلل الحليم
و ما قصّرت عن شأو ، و لكن سقيم كلّ ما نظم السقيم
(راجع : خريدة القصر ، ج ۹ ، ص ۳۴۰ .)

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2191
صفحه از 503
پرینت  ارسال به