435
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

الشيخ و غيره في العدالة و مثلها ، من كتبهم الفقهيّة كالمبسوط و غيره ، و مع قطع النظر عن ذينك لاأقلّ من أنّه يجدي الشكَّ في عدالة المجروح ، فيتثبّت و يتبيّن ، فإن انزاح الفسق ، و إلاّ فيعمل على روايته ، إمّا لعدالته أو تحقّق مسمّى التبيّن ، على ما مرّ تفصيله .
السابعة عشر : لايكفي التعديلِ لمعيَّر مجهول عند المعيِّر ؛ لاحتمال أن لايكون ثقة عنده ، بل كان فاسقا أو مجهول الحال مثلاً ؛ نعم ، يعدّ تزكيته من المعدّل خاصّة فيه إن قصدها .
الثامنة عشر : رواية العدل عن رجل ـ و إن سمّاه ـ ليست تعديلاً ، و لاتعويلُ مجتهدٍ في فتواه عليها ، و لا عدمُ التعويل على عدم التعديل ؛ إذ يجوز رواية الضعيف سندا و كذا العمل به ـ في القضاء و غيره ـ مع اقترانه بما يدلّ على صحّته ، و كذا يُرفَض الصحيح إن خالف إجماعا أو غيره مثلاً .
التاسعة عشر : من اعترى في مرويّه خلطٌ بخُرْق و حمق ، أو فسق و ما شاكله ـ كالواقفيّة في زمن الكاظم عليه السلام ، و الفطحيّة في زمن الصادق عليه السلام ، و محمّد بن علي الشلمغاني و أضرابهم ـ فيقبل ما روى قبله ، و إلاّ فيردّ ، و كذا ما شكّ فيه.
الموفية للعشرين : إذا روى ثقةً عن ثقةٍ ، فرجع المرويّ عنه فنفاه جازما به بقوله : «ما رويته كذلك» أو «هو بهتان عَلَيّ» رُدّ بخصوصه دون غيره و إن كان عنه .
و إن لم يجزم ، بأن قال : «ما أعرفه» أو «لا أذكره» و ما يجري مجراه ، فلا يردّ ؛ لاحتمال نسيانه ، بل يصحّ للراوي إسناده بقوله : «سمعته منه» أو «حدّثني فلان» أو ما يحذو حذوه على الأشهر .
و قد وقع مثله كثيرا في جملة من أحاديث العامّة ، و قد عمل و أفرد الخطيب البغدادي كتابا .
الحادية و العشرون : لايخفى و لايحتجب أنّه (لو اجتمع الجارح و المعدِّل) بالنسبة إلى راوٍ معيّن ، (فالمشهور) بين الأصحاب (تقديم) قول (الجارح) على قول المعدّل ؛ لأنّ الجارح يخبر عمّا هو الواقع في نفس الأمر ، و المعدّل لايخبر إلاّ عن عدم وجدانه


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
434

عن سادتهم المعصومين ، بل و جَدِّهم سيّد المرسلين ، بل عن اللّه ربّ العالمين ، حتّى مضوا لسبيلهم و لقوا اللّه سبحانه و حلّوا رضوانه ، شكر اللّه تعالى سعيهم و أجزل رَعْيهم ؛ هذا .
و هل (يثبت تعديل الراوي) و هكذا (جرحه بقول عدلٍ واحد؟) ذلك كذلك (عند الأكثر) ، و هو الأقوى ، و إلاّ فيلزم رجحان الفرع على الأصل .
و لاريب في أنّ المناط على حصول الظنّ في العمل متى لم يحصل علمٌ ، و لاريب في حصول الظنّ من تزكية العدل الواحد ، و التحاقُ ما نحن فيه بما لابدّ فيه من عدلين من الشهادة غير ثابت ، فلايعبأ به و لايصار إليه.
و بالجملة ، فالضابط حصول الظنّ عموما ، خرج ما أخرجه الدليل و بقي الباقي على حاله . ثمّ إنّه لا فرق ـ فيما مرّ ـ بين التعديل و الجرح ، فيكون حكم هذا كحكم ذاك ، كما لايخفى على ذوي الإدراك .
الخامسة عشر : يُعرف الضبط بمثل بعض ما مرّ ، و الاختلاطِ ، و عرض أخبار الخلط على أخبار الثقة الثَبَت الضابط و مخالفتِها لها.
السادسة عشر : يُقبل التعديل من غير ذكر السبب ؛ لتعسّر الإحاطة بنوعه ، و الاجتزاءِ بحسن الظاهر كما هو الظاهر . و أمّا الجرح فلا ؛ لاختلاف الناس في موجبه ، فربّما جُرِحَ راوٍ بركضه على برذون و لايقتضيه ، كما مثّل به الشهيد . ۱
و فيه ما فيه.
نعم ، لو اتّفق مذهب الجارح و المعيِّر ۲ ، لصحّ الاعتماد على جرحه مطلقا كالتعديل أيضا . و ربّما توهّم أمثال شيخنا المتبحّر البحراني ـ سقى اللّه ثراه ، و من رحيق الجنّة روّاه ـ بأنّ مذهب الشيخ و أمثاله من الجارحين في أكثر الرواة ـ فيما يوجبه ـ غير معلوم ، فلايجدي جرحهم فيلغو .
و فيه : أنّهم يذكرون سبب الجرح معه أيضا غالبا ، على أنّه يمكن معرفة مسلك

1.شرح البداية : ۷۳ .

2.في شرح البداية : المُعْتَبِر .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7119
صفحه از 640
پرینت  ارسال به