433
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

و كيفما كان ، فالمراد بخوارم المروّة : ما يدلّ على سخافة عقل صاحبه ، و يكشف عن قلّة تمييزه بما لايرتكبه أحد من أمثاله ، كتقبيل الزوجة في المَحاضر و الالتباس بلباس الجندي للعالم و غير ذلك ، و هو يختلف باختلاف الأماكن و الأزمان و الأشخاص ، و لكن لابدّ من تخصيصه بدون السنن و شعائر الإسلام.
و من هنا ينقدح عدم قدح أمثال التكحّل و خضاب الرِجل و اليد بالحنّا و كثرة المتعة ، و إن استهجنه عامّة بعض الأقوام ، كأهل الهند و لاسيّما بلدتنا هذه ، بالنسة إلى بعض تلك الأُمور المزبورة و أمثالها ؛ و اللّه أعلم .
المرحلة السابعة :
هل ترك المستحبّات يوجب القدح في العدالة ؟ إن أدّى إلى التهاون ، فذلك كذلك ، بل و يحتمل أن يقدح في أصل الإيمان ؛ و أمّا بدونه فلم يثبت ، و الأحوط أن لايداوَم على ترك المندوب مطلقا ، و لاسيّما على ترك الجماعة ؛ لما مرّ في صحيحة ابن أبي يعفور من قوله عليه السلام : «و حفظ مواقيتهنّ بحضور جماعة المسلمين و لم يتخلّف عن جماعتهم في مصلاّهم إلاّ من به علة» ۱ الخبر.
الرابعة عشر : ۲ تعرف العدالة بتنصيص عدلين أو الاستفاضة ، كعدالة السيّد و الشيخين مثلاً ، و لذا لم يُحتَج في مشايخ الإجازة ـ عطّر اللّه مَضاجعهم ، و برّد مَهاجعهم ـ إلى جرح و تعديل و تثبّت و تبيين ؛ فإنّهم نُوّاب الأئمّة و أُمناء أُمناء اللّه على تلك الأُمّة بتّا و جزما و قطعا و حتما .
بل ، و توثيق جلّهم صار من ضروريّات الدين يحذو حَذْوَ اعتقادِ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم و الأئمّة المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين ، فروحي الفداء و نفسي الوِقاء لهؤلاء الأجلّة ، الّذين بذلوا في إعلاء كلمة اللّه العليا جهدَهم و جِدّهم ، و صرفوا فيه طولَ أعمارهم كدَّهم ، و لم يزالوا يتحمّلون أعباء الشريعة ، و يتولّون أمر أيتام الشيعة ، نيابةً

1.قد تقدّمت .

2.أي الفائدة الرابعة عشر .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
432

الوعيد عليها كتابا أو سنّة أو صراحة أو ضمنا أو استعظامُه فيه ، أو عقلا ، كسرقة درهم ممّن لايملك غيره فيموت جوعا أو يبتلى بمشقّة عظيمة ، أو عرفا كالوطْ ء بالأموات ، فهو كبيرة و إلاّ فصغيرة ، و هذا و إن لم نقل بكونه أظهرَ ، فلاأقلّ من كونه أحوطَ .

المرحلة السادسة :

أكثر الأصحاب على أنّ ترك خوارم المروّة شرط العدالة ، كما هو ظاهر المفاتيح ۱ ، بل حكى بعضهم الإجماع عليه و إن خالف مقتضاه ، و إن لم نقل بكونه أظهر ، فلاريب في كونه أحوط ؛ لما مرّ .
و عن الكاظم عليه السلام : «لادين لمن لامروّة له ، و لامروّة لمن لا عقل له» . ۲
و في خبر عثمان بن سماعة في علامات المؤمن :
من عامل الناس فلم يظلمهم ، و حدّثهم فلم يكذبهم ، و وعدهم فلم يخلفهم ، كان ممّن حرمت غيبته و كملت مروّته و ظهر عدله و وجب أُخوّته. ۳
و قال الصادق عليه السلام : «و الدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساترا لعيوبه» . ۴ و لاريب أنّ منافياتِ المروّة من عيوبه.
و ربما يفصح عنه حديث البِرْذَوْن أيضا ، حيث قال فيه :«لا أقبل شهادته ؛ لأنّي رأيته يركض على برذون» . ۵
و ما مرّ عن العسكري عليه السلام في تفسيره «و إنّ من عباد اللّه لمن هو أهل لصلاحه و عفّته ولو شهد لم تقبل شهادته ؛ لقلّة تمييزه» ۶ الحديث ؛ إلى غير ذلك .

1.جواهر الكلام ۱۵ : ۳۹۲ و ۳۹۴ .

2.الكافي ۱ : ۱۹ ؛ مستدرك الوسائل ۸ : ۲۲۴ ، ح ۹۳۱۴ .

3.وسائل الشيعة ۸ : ۳۱۶ ، ح ۸ .

4.جواهر الكلام ۳ : ۳۰۲ .

5.جواهر الكلام ۱۳ : ۳۰۲ .

6.تفسير الإمام العسكري : ۶۷۴ ؛ جواهر الكلام ۱۳ : ۲۹۱ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7016
صفحه از 640
پرینت  ارسال به