431
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه.
إلى غير لك من الأدلّة التي لاينبغي الكلام بجميعها و حصرها في المختصرات.
و لايخفاك أنّ التأمّل في مجموع ما أسلفنا و أمثالِه يقضي بأنّ القول الثالث ـ أيضا ـ خارج عن حدّ الاعتدال ، والِجٌ في الإفراط كالقول الأوّل في التفريط ، و أوسطها أوسطها.
و لكن لمّا صار أكثر الأجلّة من المتأخّرين إلى الثالث و جنحوا إليه و حكوا الإجماع عليه ، فالأجدر و الأحوط أن لا يُكتفى بمحض حسن الظاهر ، بل يُتوصّل إلى العلم بالملكة مهما أمكن ، و لاسيّما في الحقوق اللازمة و مَهامّ الأُمور ، فإن حصل فلاكلام في العمل بمقتضاها ، و إلاّ فلابدّ من الاكتفاء على حسن الظاهر ، سواء كان عدالةً بنفسه أو طريقا إليها ؛ فتدبّر .

المرحلة الرابعة :

يمكن التوصّل إلى العدالة بوجوه :
منها : شهادة العدلين على عدالته .
و منها : الاختبار و عدم الاطّلاع على سيّئة ، أو الاطّلاع على حصول ملكةِ تركِ المعاصي .
و منها : اشتهاره بين العلماء كذلك .
و منها : دلالة قرائنَ و أماراتٍ على مدحه ؛ إلى غير ذلك .
المرحلة الخامسة :
اختلف كلمة الأصحاب في تحديد الكبائر و الصغائر و تعديدها ؛ لاستنادهم إلى أخبار عديدة شديدة الاختلاف في مؤادّها ۱ ، لايرجى جمعها إلاّ بعد مشقّة عظيمة و كلفة شديدة ، و كأنّه قرينة إلى أنّه لم يتّفق لها حقيقة شرعيّة ، و حينئذٍ ، فحملها على معناها اللغوي أولى . و بناءً على ذلك ، فكلُّ ما تحقّق فيه عظمة شرعا بالتهديد و

1.اُنظر : مستند الشيعة ۱۸ : ۷۵ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
430

فيُتوقّف أحيانَ العلم بحصولها ، فيلزم الحرج .
و فيه : أنّه يستصحب بقاؤها أوّلاً .
و فيه : أنّ هذا الأصلَ تُعارض أصالةُ عدم البقاء و الاستمرار ، فتساقطا ؛ فتأمّل .
يه ـ لو كان العدالة الكيفيّة النفسانيّة الراسخة ـ كما قاله أهل الملكة ـ للزم أن لايقدح في عدالة الإنسان صدور كبيرة عنه اتّفاقا ؛ لعدم قدحه في تلك الملكة كما هو المفروض ، و العدالة عبارة عنها ، فببقائها تبقى مع معلوميّة أنّ صدورها يوجب ردّ الشهادة .
و لو أُخذ في مفهوم العدالة مع الملكة عدمُ صدور الكبيرة . ففيه : أنّها ليست نفسانيّة ، و هي عندهم كذلك ؛ و إن أُخذ شرطا فأيضا كما ترى ؛ لما فيه من البُعد .
و من هنا قال علاّمة الجواهر قدس سره ما لفظه :
مضافا إلى أنّ الحكم بزوالها عند عروض ما ينافيها من معصيةٍ أو خلاف مروّة ، و رجوعِها بمجرّد التوبة ينافي كونَها ملكةً ، و احتمالُ أنّ المراد الملكة مع عدم وقوع أحد الكبائر ، خلاف ظاهر تعريفهم الظاهر في أنّها عبارة عن الملكة الباعثة على ذلك .
و لاريب أنّ اتّفاق وقوع الكبيرة لايرفع أصل الملكة . و إرادة أنّه يرتفع الحكم بها يدفعها حكمهم بعودها بمجرّد التوبة ، من غير حاجة إلى تجديد الاختبار .
و دعوى أنّ ذلك أمر تعبّدي شرعيّ ؛ للإجماع ، و إلاّ فلا يحتاج للاختبار للملكة ؛ نعم ، يحتاج إلى زمانٍ يُعرف منه الندم ، و قد يظهر ذلك في أيسر زمان يدفعها أنّ الثابت من الشارع أنّه بفعل ذلك يكون فاسقا لا عدلاً غيرَ مقبول الشهادة مثلاً ، كما هو مقتضى التعريف ، و كونُ الشأن فيها كالشأن في الكريم إذا بخل و الشجاعِ إذا جبن يقتضي عدمَ ارتفاعها بذلك ، كما لايرتفع الحكم بكونه شجاعا و كريما بعد حصول الملكة . ۱

1.جواهر الكلام ۱۳ : ۲۹۶ ـ ۲۹۷ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7097
صفحه از 640
پرینت  ارسال به