429
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

من الطريق المزبور بحصولها ؛ لما عرفت من أنّ حسن الظاهر باستقراء بعض أحوال الشخص لايفيد الاطمئنان بحصول الملكة في الجميع بل البعض ، و رجوعُ النزاع لفظيّا إن أُريد كونه طريقا تعبّديّا ، و لافائدة حينئذٍ في ذكرها و اشتراطها ، بل فيه إيهام خلاف المراد ، كالمناقشة فيه أيضا بأنّ قضيّة كونها حسنَ الظاهر عدمُ انقداحها بوقوع الكبيرة تستّرا ، و لعلّه الظاهر من بعضهم حيث قال : إنّ العادل هو الذي يستر عيوبه حتّى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته و عيوبه ، لا أنّه الذي يكون لا عيب له و لا عثرة ، نعم لابدّ أن لايظهر منه ذلك ، فحينئذٍ إذا صدر منه باطنا يجب إخفاؤه بحيث لو أظهره مظهر يصير فاسقا ؛ لحرمة الغيبة و إشاعة الفاحشة و وجوب ستر العورة . ۱
يج ـ استلزام القول بالملكة إمّا دركه بما مرّ ، و فيه ما مرّ ؛ أو بالتجسّس عن بواطن الشخص أزيد ممّا مرّ . و فيه : أنّ التجسّس عن المعائب محرّم بنصّ الكتاب ، قال اللّه تعالى : « وَ لاَ تَجَسَّسُواْ وَ لاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا » ۲ و قال : « الَّذِينَ يُحِبُّونَ » ۳ الآية .
يد ـ إنّ القول بها يستلزم الواسطة بين العادل و الفاسق ؛ فإنّ من تاب عن المعصية لايكون فاسقا بعد التوبة بالإجماع ، و لا عادلاً إلى زمان حصول الملكة له .
ثمّ إنّه إمّا أن لايقبل شهادته إلى زمان حصول الملكة ـ كما التزمه بعض ۴ الأعاظم ـ أو لا ، [أمّا] على الأوّل ، فلايخفى ما فيه من العسر و الحرج ، و [أمّا] على الثاني ، فأين اعتبار الملكة؟
و فيه : أنّ الملكة معتبرة و لكنّها لاتزول بوقوع السيّئة اتّفاقا ؛ فإنّه لافرق في منعها عن صدورها و في بعثها على التوبة بالندم بعد صدورها .
و فيه : أنّه لاح ما يخالف مقتضى الملكة و يوهن بنيانها ، فشكّ في بقائها ،

1.جواهر الكلام ۱۳ : ۲۹۸ .

2.الحجرات : ۱۲ .

3.النور : ۱۹ .

4.ممتاز العلماء .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
428

يجتنب عن النواهي بلاغرض و غاية بالظاهر ، يُظَنّ أنّه يخاف اللّه فيمتثل أوامره و يدع نواهيه.
و أمّا حصول الملكة أوّلاً و زوالها بما يزيلها لعدم تكافؤها به ، ففيه : أنّه لايكون ملكة لترك هذه المعصية بخصوصها إذا لم يتمالك نفسَه على تركها و ظاهر الملكة و العادة يقتضي ذلك كما عرفت ؛ فتأمّل .
و قد مرّ بعض ما يؤيّد المطلوب فيما مرّ ؛ فتذكّر.
و من الغريب جَعْل الاقتصار على حسن الظاهر مُتْلِفا للحقوق الإلهيّة و مضيّعا لحقوق الناس ؛ فإنّ مدّعيَ حصولِ الملكة أيضا لا مناص لهم عن ذلك ؛ فإنّ حسن الظاهر لو كان يلزم تلك الملكةَ فلا عائبة علينا بالعمل به ، و إن لم يلازمها ، فكيف جعلوه دليلاً على ملكتهم؟! و لِمَ لم يجعلوا له طريقا آخر أوضحَ منه لكي ينجو من إضاعة الحقوق؟ كيف لا؟ و بناء على ما مرّ نحن و هم شرع سواء ؛ لأنّا أخطأنا ؛ حيث اقتصرنا على حسن الظاهر و ضللنا الطريقَ إلى الملكة ، و هم و إن ركبوا تلك الصعبة و لكن أخطأوا في الدليل و استدلّوا بما لايدلّ عليها ، فاقتحموا الهلكة .
يب ـ لاريب في أنّ أكثر الأخبار يدلّ على كونها حسنَ الظاهر ، فلو قلنا بكونها ملكةً لزم مخالفتها.
فإن قلت : إنّ الظاهر من كلام بعض المحقّقين ، كصاحب الفصول الغرويّةالفصول ۲ : ۵۲ . و المقدّس الأنصاري ، أنّهم يحملونه على بيان الطريق و الدليل ، فلا ردّ.
قلنا : هذا لايستقيم ؛ فإنّهم لايجعلونه مساويا للملكة ، و إلاّ لما عابوا علينا بما عابوا ، و إذا لم يكن كذلك لايصحّ أن يجعل دليلاً عليها ، و من هنا قال العلاّمة صاحب الجواهر :
و المناقشة في جميع ما ذكرنا أو أكثره ـ بأنّها و إن كانت هي الملكةَ لكنّ الطريق إليها حسن الظاهر ـ يدفعها وضوحُ منعها إن أُريد حصول الاطمئنان

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7254
صفحه از 640
پرینت  ارسال به