419
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

قال شيخنا صاحب الفصول الغرويّة فيها :
و التحقيق أنّ هذه الرواية ظاهرة المفاد في أنّ العدالة هي تجنّب الكبائر ، بل ملكتها ۱ ، كما هو الظاهر من الآية ، و قد نبّهنا عليه ، و أنّ حسن الظاهر طريق إلى معرفة ذلك .
يدلّ على الأوّل قوله : «و أن يعرفوه بالستر و العفاف» و قوله : «يُعرف باجتناب الكبائر» بناءً على أنّ الثاني بيان للأوّل و توضيح له ، و لو جُعل تأسيسا ـ كما تخيّله بعض الأفاضل ـ دلّ على اعتبار تجنّب الصغائر أيضا ، و هو بعيد . و على الثاني قوله : «و الدلالة على ذلك كلّه» إلى آخره ، و قوله : «من لزم جماعة المسلمين» . ۲
إلى آخر ما أفاد .
و أنا أقول : لايبعد ـ كلَّ البعد ـ أن يُجعل الأخبار الأُخر قرينةً إلى إرادة حسن الظاهر من هذه الصحيحة أيضا ، بل قد يؤيّده بعض فقرات الصحيحة المزبورة بعينها.
قال شيخنا صاحب الجواهر :
بل ظاهر الرواية التي هي مستندهم ۳ خلافُه ؛ لقوله [ عليه السلام] ۴ فيها : ساترا لعيوبه ، و أن يكون معروفا بالستر و العفاف ، و إذا سئل عنه قيل : لانعلم منه إلاّ خيرا خصوصا مع ملاحظة لفظ الستر . ۵
إلى آخر ما أفاد .
و كيفما كان ، فلاريب في أنّ الظاهر من مجموع الأخبار المزبورة و الآتية و أمثالها ، هو أنّ العدالة المعتبرة في الشرع هي حسن الظاهر فقط ؛ واللّه أعلم.

1.كذا . و الصحيح : ملكته أي ملكة تجنّب الكبائر .

2.ذكرى الشيعة ۱ : ۱۵۸ ؛ شرح اُصول الكافي ۷ : ۱۹ ؛ وسائل الشيعة ۸ : ۳۱۷ ، ح ۱۳ .

3.كذا . و الأولى : مستندتهم .

4.ما بين العلامتين لم يرد في النسخة .

5.جواهر الكلام ۱۳ : ۲۹۶ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
418

ـ الذي هو الاستواء و الاستقامة ، كما قد يشعر به كلام بعضهم ـ غير مستقيمة.
و من هنا قال العلاّمة صاحب الجواهر ما لفظه :
و مع ذلك كلّه ، فلم يتّضح لنا ما أرادوا بحجّتهم السابقة :
أمّا أوّلاً : فلأنّا قد بيّنّا أنّ العدالة لها حقيقة شرعيّة .
و ثانيا : لو قلنا ببقائها على المعنى اللغوي ، فالظاهر ـ بل المقطوع به ـ عدم إرادته هنا ؛ لكون الاستقامة و الاستواء حقيقة في الحسّي ، فلابدّ أن يراد بهما هنا معنى مجازي ، و كونُه عدمَ الميل الذي يلزمه الملكة ليس بأولى من عدم انحراف الظاهر و إعوجاجه . ۱
الرابع : أنّه يصحّ سلب العدالة عن حسن الظاهر بعد ۲ ظهور فسقه حالَ عدم ظهوره .
و فيه : أنّه إن أراد بالسلب سلبَ مطلق العدالة عنه ، فهو في حيّز المنع ؛ فإنّ من يقول بكون العدالة حسنَ الظاهر ـ مثلاً ـ في تحاور أهل الشرع ، كيف يسوِّغ نفيها بهذا المعنى؟! و إن أراد بنفيها نفيَ العدالة الواقعيّة ، فهو مسلّم و لكنّه لايضرّ ؛ فإنّ العدالة المعتبرة عندنا ليست الباطنيّةَ النفسَ الأمريّةَ .
و بتقرير آخَرَ : إنّه إن أراد نفي العدالة النفسِ الأمريّةِ عنه ، فهو مسلّم و لايضرّنا ، و إن عنى بها ما جعله الشارع مناطا في قبول الشهادة و غيرِها ، و ترتّبِ الآثار الشرعيّة عليها ، فلانسلّم [صحّةَ] ۳ سلبها بهذا المعنى عنه حال عدم ظهور فسق عنه ؛ فتأمّل .
الخامس : صحيحة عبداللّه بن أبي يعفور ۴ ؛ فإنّ بعض فقراتها مشعر إلى أنّها هي الملكة.

1.جواهر الكلام ۱۳ : ۲۹۷ .

2.متعلّق بمقدّر صفةٍ لحسن الظاهر أي عن حسن الظاهر الحاصل بعد ظهور فسقه ، فالمسلوب عنه العدالةُ ليس مطلقَ حسن الظاهر بل حسن الظاهر الخاصُّ ، فتأمّل .

3.أُضيف بمقتضى المقام و السياق .

4.جواهر الكلام ۱۳ : ۲۹۵ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7132
صفحه از 640
پرینت  ارسال به