405
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

الثانية : يعتبر في الراوي الإسلام ، إجماعا مستفيضا .
و هل يعمل بما تفرّد به الكافر إذا كان موثوقا ؛ لعدم صدق الفسوق عليه إذ ذاك مع عدم فسق الجوارح ، أو لوقوع التثبّت الإجمالي في روايته بتحصيل العلم بكونه غير فاسق من الجوارح؟ لايبعد أن يكون ذلك كذلك لولا الإجماع على خلافه ، و إذ ليس فليس ۱ ؛ و بالجملة فالأشهر الأظهر [ذلكاُضيف بمقتضى السياق . ] .
الثالثة : يعتبر فيه البلوغ و العقل ، فلاعبرة برواية الصبيّ و المجنون ؛ لارتفاع القلم عنهما ، فلايحصل الجزم باجتنابهما عن ارتكاب الكذب ، و هذا في غير الأدواري ، و أمّا الأدواري فلعلّ قبول روايته حين عدم عروض الجنون عليه أقوى .
الرابعة : يشترط فيه الإيمان على قول.
و نعني بالإيمان : كونه إماميّا ۲ اثني عشريّا ، كما هو المصرّح به في كلام بعض مشايخنا الأعلام ، و المقصودُ من كلام من أطلق ـ و إن أطلق ـ بقرينةِ ردِّهم أخبارَ غير الاثني عشريّة من فرق الإماميّة ، كالناوسيّة و الفطحيّة .
و اعتبار الإيمان بهذا المعنى المذكور مشهور بين الأصحاب ، و مستندهم آية النبأ .
و فيه كلام مثل ما مرّ في الكافر ، بل جَرْيُه هنا أقوى و أظهر ممّا مرّ .
و لعلّ الأوجَهَ قبول رواية غير الإماميّ أيضا ، إذا لم يكن فاسقا بالجوارح ؛ لما روي عن الصادق عليه السلام : «إذا نزلت بكم حادثة لاتجدون حكمها فيما روي عنّا ، فانظروا إلى ما رووه عن عليّ عليه السلام فاعملوا به» . ۳
و التفرقة بين أمير المؤمنين و غيره ـ مع اشتراكه له في العصمة و الإمامة ـ ممّا لا

1.أي ليس يبعد أن يكون ذلك كذلك .

2.أراد من الإمامي الشيعة .

3.بحار الأنوار ۲ : ۲۵۳ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
404

بأصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله .
ثمّ إنّ التابعي من لقي الصحابي و غيرَه ، كما مرّ .
و المُخَضْرَمون هم الّذين أدركوا الجاهليّة و الإسلام و لم يلاقوا النبيّ صلى الله عليه و آله سواء أسلموا أم لا ، كالنجاشي و سويد بن غفلة صاحبِ عليّ عليه السلام و ربيعة بن زرارة و أبي مسلم الخولانيّ و الأحنف بن قيس.
و عدُّهم من التابعين بإحسانٍ أولى ، على ما صرّح به الشهيد قدس سره . ۱
و أمّا أضراب مثرم ، فيمكن إخراجه ـ و إن أسلم ـ بقيد اللقاء ؛ و اللّه أعلم.

(الفصل) الرابع : و فيه فوائدُ :

الأُولى : لابدّ في الفنّ من التعرّض بمن يُقبل روايته و يُردّ ، على وجه كلّيّ لا عن أشخاصهم واحدا بعد واحدٍ ؛ إذ هو من وظائف علم الرجال ، و لا غَرْوَ في قدح المسلم ؛ تحصيلاً للتمييز بين الصحيح و الضعيف ، صونا للشريعة المطهّرة .
نعم ، يجب فيه التثبّت أشدَّ تثبّتٍ ، لئلاّ يلتبس عليه الحقّ الحقيق بالتصديق ، فيَجرحَ غير مجروح بما يظنّ جرحا ، مع عدم كونه جرحا حقيقة .
و ربّما ركب متنَ الخطيئة و خَبَط خَبْطَ العشواء غيرُ واحد في هذا الباب ، و اللّه الموفّق للصواب ، و قد كفانا السلف الصالحون ـ رضوان اللّه عليهم أجمعين ـ مؤونةَ ذلك غالبا .
و لكن ينبغي للماهر المتدبّر [التدبُّرُ] ۲ فيما ذكروا ، لعلّه يظفر بما أهملوا ، و لا سيّما مع تعارض الأخبار في الجرح و التعديل ، و من البيّن أنّ طريق الجمع ربّما يلتبس و يختفي و يختلف حسَبَ اختلاف الأفكار و الأنظار ، و طرقِ الجمع و أُصوله.

1.شرح البداية : ۱۲۶ .

2.اُضيف بمقتضى السياق .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6960
صفحه از 640
پرینت  ارسال به