و قد ذكره السيوطي في ذيل الموضوعات ۱ ، و مع ذلك يستشمّ منه نفسِه رائحة الوضع ، كما لا يخفى على من له ملكة بمعرفة الموضوعات .
(و مخالف المشهور شاذّ) ، فلابدّ من الدلالة على معنى المشهور أوّلاً و الشاذّ ثانيا ، كي يتّضح بذلك حقيقة الحال على طالب الفنّ .
فنقول : المشهور ما شاع عند أهل الفنّ خاصّةً ، بأن رواه كثير منهم ، و لا يعرفَه إلاّ أهل تلك الصناعة ؛ أو عندهم و عند غيرهم قاطبةً ، ك : «إنّما الأعمال بالنيّات» ۲ و ربّ مشهور عند غيرهم لا أصل له عندهم ، فمن المحكيّ عن بعض ۳ العلماء أنّ أربعة أحاديثَ تدور على الألسن و ليس لها أصل :
«من بشّرني بخروج آذار بشّرته بالجنّة» .
و «من آذى ذمّيّا فأنا خصمه يوم القيامة» .
و «يوم نحركم يوم صومكم».
و «للسائل حقّ و إن جاء على فرس» .
و الشاذّ ما روي مخالفا لما رواه الجمهور ، فإن كان راويه أحفظَ و أضبط و أعدل من راوي هذا الشاذّ ، فكان شاذّا مردودا ، و إلاّ فلا.
و منهم من ردّه مطلقا ؛ نظرا إلى شذوذه ؛ و منهم من قبله كذلك ؛ نظرا إلى وثاقة رواته و قال : إنّه لابدّ فيه من وثاقة الرواة .
و أمّا الشاذّ الذي تكون رواته غير ثقة ، فهو منكر مردود .
و منهم من قال : يترادف المنكر للشاذّ هذا ، و إن اقترن الشاذّ بقرائنَ خارجة مؤيّدة له فالعمل به متعيّن ، و كذا إذا كان رواته أعدلَ و أضبط و أحفظ من رواة المشهور . و
1.جامع الأحاديث ۱ : ۶۸۴ ـ ۸۶۵ ، ح ۲۲ .
2.سنن ابن ماجه ۲ : ۱۴۱۳ ، ح ۴۲۲۷ ؛ سنن أبي داود ۱ : ۴۹۰ ، ح ۲۲۰۱ ؛ عوالي اللئالي ۲ : ۱۱ و ۱۹۰ .
3.جواهر العقود ۱ : ۳۹۷ ؛ الرواشح السماوية : ۱۲۳ ، دراسات في علم الدراية : ۴۰ ، مقدّمة ابن الصلاح : ۱۶۱ ؛ كشف الخفاء : ۱۴۴ .