371
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

و قد ذكره السيوطي في ذيل الموضوعات ۱ ، و مع ذلك يستشمّ منه نفسِه رائحة الوضع ، كما لا يخفى على من له ملكة بمعرفة الموضوعات .
(و مخالف المشهور شاذّ) ، فلابدّ من الدلالة على معنى المشهور أوّلاً و الشاذّ ثانيا ، كي يتّضح بذلك حقيقة الحال على طالب الفنّ .
فنقول : المشهور ما شاع عند أهل الفنّ خاصّةً ، بأن رواه كثير منهم ، و لا يعرفَه إلاّ أهل تلك الصناعة ؛ أو عندهم و عند غيرهم قاطبةً ، ك : «إنّما الأعمال بالنيّات» ۲ و ربّ مشهور عند غيرهم لا أصل له عندهم ، فمن المحكيّ عن بعض ۳ العلماء أنّ أربعة أحاديثَ تدور على الألسن و ليس لها أصل :
«من بشّرني بخروج آذار بشّرته بالجنّة» .
و «من آذى ذمّيّا فأنا خصمه يوم القيامة» .
و «يوم نحركم يوم صومكم».
و «للسائل حقّ و إن جاء على فرس» .
و الشاذّ ما روي مخالفا لما رواه الجمهور ، فإن كان راويه أحفظَ و أضبط و أعدل من راوي هذا الشاذّ ، فكان شاذّا مردودا ، و إلاّ فلا.
و منهم من ردّه مطلقا ؛ نظرا إلى شذوذه ؛ و منهم من قبله كذلك ؛ نظرا إلى وثاقة رواته و قال : إنّه لابدّ فيه من وثاقة الرواة .
و أمّا الشاذّ الذي تكون رواته غير ثقة ، فهو منكر مردود .
و منهم من قال : يترادف المنكر للشاذّ هذا ، و إن اقترن الشاذّ بقرائنَ خارجة مؤيّدة له فالعمل به متعيّن ، و كذا إذا كان رواته أعدلَ و أضبط و أحفظ من رواة المشهور . و

1.جامع الأحاديث ۱ : ۶۸۴ ـ ۸۶۵ ، ح ۲۲ .

2.سنن ابن ماجه ۲ : ۱۴۱۳ ، ح ۴۲۲۷ ؛ سنن أبي داود ۱ : ۴۹۰ ، ح ۲۲۰۱ ؛ عوالي اللئالي ۲ : ۱۱ و ۱۹۰ .

3.جواهر العقود ۱ : ۳۹۷ ؛ الرواشح السماوية : ۱۲۳ ، دراسات في علم الدراية : ۴۰ ، مقدّمة ابن الصلاح : ۱۶۱ ؛ كشف الخفاء : ۱۴۴ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
370

(أو المصاحفةِ) ، كأخبرني حين صافحني عمّن أخبره حين صافحه ، و هكذا .
(أو التلقيمِ) ، نحو حدّثني حين لقّمني عمّن حدّثه حيث لقّمه .
(أو نحوِ ذلك) ، كالقول ، كقولك : سمعت فلانا يقول : سمعت فلانا يقول و هكذا ؛ أو سمعته و اللّه يقول : سمعته و اللّه يقول و هكذا.
أو الفعلِ ، كالتشبيك أو القيام أو الاتّكاء أو العدّ باليد أو بهما جميعا ، كقولك : «صافحني بالكفّ التي صافحت بها فلانا» أو قوله مع ما مرّ : «فما مَسَستُ حريرا ألين من كفّه» و قولك «رواني حيث لقّمني بيده عن فلان حيث لقّمه هو» أو «أقرب إليّ جَوْزا و قال : عن فلان حين قرب إلى جَوْزٍ» أو «أطعمني أو سقاني أو ضافني على الأسودين» أو غير ذلك ، و الجميع متقاربة .
و المحصّل : أنّه إذا كان تتابع السند كلاًّ أو جُلاًّ على أمر من تلك الأُمور المزبورة ، فالخبر (مسلسلٌ) ، و هو فنّ من فنون الرواية يدلّ على مزيد ضبط ، و لا دخل له في اعتبار السند و غيره ، بل لا يبعد أن قد يشعر إلى الاختلاق ، لتضمّنه من الاهتمام الزائد عن المعتاد غالبا على ما يوهم ذلك ، و المناط على القرائن و أشخاص الرواة .
و من هذا القبيل الأخير ما رواه محمّد بن عكاشة الكرماني قال :
حدّثنا و اللّه عبدالرزّاق قال : حدّثنا و اللّه معمر قال : حدّثنا و اللّه الزهري قال : حدّثنا و اللّه عليّ بن أبي طالب قال : «حدّثنا و اللّه أبو بكر الصدّيق ، قال : سمعت و اللّه النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، يقول : سمعت و اللّه جبرائيل ، يقول : سمعت و اللّه ميكائيل ، يقول : سمعت و اللّه إسرافيل ، يقول : سمعت و اللّه الرفيع ، يقول : سمعت و اللّه اللوح ، يقول : سمعت و اللّه القلم ، يقول : سمعت و اللّه الربّ جلّ جلاله ، يقول : إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا خالق الخير و الشرّ ، فمن آمن بي و لم يؤمن بالقدر خيرِه و شرِّه ، فليلتمس ربّا غيري فلست له ربّا ۱ ».
انتهى.

1.تذكرة الموضوعات : ۱۸۹ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7352
صفحه از 640
پرینت  ارسال به