365
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

ب : المتواتر معنى ، و هو ما تواتر كذلك ، و إن كان لفظه مرويّا بالآحاد ، كشجاعة عليّ عليه السلام ، فإنّا و إن لم نجزم بتفاصيل وقائع حروبه ، و لكن نعلم من جميعه و نقطع بكونه أشجعَ الناس بلامرية .
ج : المتواتر لفظا و معنى ، و يعرف بمعرفة سابقَيْه ، و مثاله بعض الآيات الفرقانيّة التي اتّفق روايات أهل الإسلام في معناه و لم تختلف و بلغت حدَّ التواتر ، ك « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » و « لاَ إِلَـهَ إِلاَّ اللَّهُ » في الدلالة على نفي الأضداد و الأنداد ؛ هذا.
و ليعلم أنّ التواتر قد كثر وقوعه في أُصول الشرائع و إن قلّ و ندر في فروعها ، حتّى في المحكيّ عن أبي الصلاح : إنّ من سُئِلَ عن إبراز مثال لذلك ، أعياه طلبه . ۱
و في كون النبويّ صلى الله عليه و آله وسلم «إنّما الأعمال بالنّيات» ۲ من متواترات الروايات كلامٌ ؛ لاحتمال طَرْء التواتر في الوسط .
و أكثر ما ادّعي فيه التواتر لا يخلو من تسامح . نعم ، لا يبعد ادّعاؤه في «من كَذَب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعدَه من النار» ۳ أو «فيها» فقد رواه أربع أو نيّف و ستّون من الجمّ الغفير و الجمع الكثير.
و هذا كلّه إذا كان الخبر متواترا ، (و إلاّ فخبرُ آحاد ، و لايفيد بنفسه) مع قطع النظر عن القرائن الخارجيّة (إلاّ ظنّا) ، و بناءً على ذلك ، فلاغَرْو في إفادته القطع إذا كان محفوفا بالقرائن . و منكر إفادته القطعَ مباهتٌ ، كما أنّ مدّعي إفادة الآحاد العريّة عنها ـ ولو كانت أخبارَ الكتب الأربعة و غيرها من كتب الأخبار الشهيرة ـ القطعَ مجازفٌ . و لنعم ما حقّقه في المقام جدّنا العلاّمة ـ أعلى اللّه مقامه ، و خلّد في الخلد إكرامه ـ في أساس الأُصول .
ثمّ إنّ المراد بإفادتها الظنَّ ، إفادته إذا كانت جامعة لعدّة شرائط يأتي ذكرها ، فلا غرو بعدم إفادة الضعيف منها ذلك ؛ لكونه فاقدا لتلك الشرائط.

1.مقباس الهداية ۱ : ۱۲۳ .

2.وسائل الشيعة ۶ : ۵ ، ح ۷۱۹۸ .

3.وسائل الشيعة ۱ : ۱۵ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
364

(الفصل) الأوّل : فى بعض مصطلحات الفنّ.

(ما يتقوّم به معنى الحديث) من اللفظ و العبارة (متنه) ؛ فإنّ متن الشيء ـ أصلاً ـ ما قوامه به .
(و سلسلة رواته) المنتهيةُ (إلى المعصوم سنده) ؛ فإنّ العلماء في تضعيفه و تصحيحه تستند إلى تلك السلسلة و تعتمد عليها . و يُجمع على أسناد ـ بالفتح ـ و أسانيد . و الإسناد ـ بالكسر ـ رفع السند إلى قائل الخبر من المعصوم ، أو الإخبارُ عنه.
(و إن بلغت سلاسله في كلّ طبقة) ـ أُولى الطبقات كانت ، أو وسطَها ، أو أُخراها ـ (حدّا يؤمن معه) ـ بالنظر إليه خاصّة دون القرائن الخارجيّة ـ (تواطؤهم) و اجتماعهم (على الكذب) ، بأن يستحيل ذلك عند العقل ، (فمتواتر) .
و لا يُشترط كونهم عدولاً ، بل و لا مؤمنين و لا مسلمين . نعم ، لابدّ من استنادهم إلى حسّ . و حصرُهم في عدد مجازفة . و اشتُرط في حصول العلم به انتفاؤه اضطرارا من السامع ، و عدمُ سبق الشبهة ، فإطباق النصارى على وجود إقليم الفرنج و أمثال ذلك ، يوجب القطع بوجوده و إن لم نشاهده أو نسمعْ من ثقةٍ ذلك .
و يلزم التواترَ إفادةُ القطع ـ بنفسه ـ بصدقه ، و كذا (يُرسَم بأنّه خبر جماعة يفيد بنفسه) ، من غير انضمام قرينة خارجيّة إليه، كما في الآحاد المحفوفة بالقرائن ، (القطعَ) و اليقين (بصدقه) ، و المنكر مباهت ، و شُبَه السُمَنِيّة ۱ واهية لايعبأ بها ، و إنكار النصارى شقَّ القمر ـ لرسوخ الشبهة ـ فلا يضرّ ، و لذلك شُرط فيه عدمه ۲ ؛ هذا.
و اعلم أنّ للمتواتر أقساما ثلاثة :
ألف : المتواتر لفظا ، و هو ما تواتر لفظه ، كالقرآن و بعضٍ من كلمات أمير المؤمنين و سيّد الساجدين عليّ بن الحسين عليهم السلام .

1.بضمّ السين و فتح الميم : قوم .. . تنكر وقوع العلم بالإخبار . راجع اللسان ۱۳ : ۲۲۰ مادة (س . م . ن) .

2.أي عدم رسوخ الشبهة .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7194
صفحه از 640
پرینت  ارسال به