ب : المتواتر معنى ، و هو ما تواتر كذلك ، و إن كان لفظه مرويّا بالآحاد ، كشجاعة عليّ عليه السلام ، فإنّا و إن لم نجزم بتفاصيل وقائع حروبه ، و لكن نعلم من جميعه و نقطع بكونه أشجعَ الناس بلامرية .
ج : المتواتر لفظا و معنى ، و يعرف بمعرفة سابقَيْه ، و مثاله بعض الآيات الفرقانيّة التي اتّفق روايات أهل الإسلام في معناه و لم تختلف و بلغت حدَّ التواتر ، ك « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » و « لاَ إِلَـهَ إِلاَّ اللَّهُ » في الدلالة على نفي الأضداد و الأنداد ؛ هذا.
و ليعلم أنّ التواتر قد كثر وقوعه في أُصول الشرائع و إن قلّ و ندر في فروعها ، حتّى في المحكيّ عن أبي الصلاح : إنّ من سُئِلَ عن إبراز مثال لذلك ، أعياه طلبه . ۱
و في كون النبويّ صلى الله عليه و آله وسلم «إنّما الأعمال بالنّيات» ۲ من متواترات الروايات كلامٌ ؛ لاحتمال طَرْء التواتر في الوسط .
و أكثر ما ادّعي فيه التواتر لا يخلو من تسامح . نعم ، لا يبعد ادّعاؤه في «من كَذَب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعدَه من النار» ۳ أو «فيها» فقد رواه أربع أو نيّف و ستّون من الجمّ الغفير و الجمع الكثير.
و هذا كلّه إذا كان الخبر متواترا ، (و إلاّ فخبرُ آحاد ، و لايفيد بنفسه) مع قطع النظر عن القرائن الخارجيّة (إلاّ ظنّا) ، و بناءً على ذلك ، فلاغَرْو في إفادته القطع إذا كان محفوفا بالقرائن . و منكر إفادته القطعَ مباهتٌ ، كما أنّ مدّعي إفادة الآحاد العريّة عنها ـ ولو كانت أخبارَ الكتب الأربعة و غيرها من كتب الأخبار الشهيرة ـ القطعَ مجازفٌ . و لنعم ما حقّقه في المقام جدّنا العلاّمة ـ أعلى اللّه مقامه ، و خلّد في الخلد إكرامه ـ في أساس الأُصول .
ثمّ إنّ المراد بإفادتها الظنَّ ، إفادته إذا كانت جامعة لعدّة شرائط يأتي ذكرها ، فلا غرو بعدم إفادة الضعيف منها ذلك ؛ لكونه فاقدا لتلك الشرائط.