363
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

كالخبر ؛ و قيل : الغالب فيما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله ـ خاصّة ـ الخبر ، و فيما روي عن الصادقين عليهماالسلام الرواية ؛ هذا.
(و من الحديث ما يسمّى حديثا قدسيّا ، و هو ما يحكي كلامه تعالى غير متّحدٍ بشيء منه) ، لا كالقرآن المقصود بتنزيله ذلك ، (و مثاله ما قال اللّه تعالى : «الصوم لي و أنا أجزى به ۱ ») إمّا بناءً على المعروف ، أو المجهول بإرادة كون رضاه و قربِه و محبّته جزاءً بمنزلة كونه تعالى بنفسه جزاءً مبالغةً ، هذا ما نقل في معنى الحديث من بعض الأعلام.
و لا يبعد ـ كلَّ البعد ـ أن يكون هو أحرى بالمهملتين ، و كونه سبحانه أحرى و أليقَ بأن يُعبد و يطاع بالصوم من بين العبادات الأُخَر أظهرُ من أن ينكر ، و أجلى من أن يظهر ؛ لبعده عن السمعة و الرياء و كونِه بمكان من الخلوص ، و قد أمرنا في محكم كتابه بأن نعبده مخلصين له الدين ، فتدبّر .
و ليس هذا محلَّ مزيد البحث عن تعديد مرجّحاته على غيره من العبادات ، هذا.
و لا يخفاك أنّ قيد الحكاية مغنٍ عن ذكر التحدّي لإخراج القرآن ، فإنّه ليس في مرتبة الحكاية ، اللّهمّ إلاّ أن يراد أنّ قراءة النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم بنفسها حكاية ، فلابدّ من التقييد به ليجدي خروجه . نعم ، لايخرج منه التوراة و الزبور و الإنجيل بعدُ ، فيزاد «غير محرّف» فيُردّ بأصل الصحف السماويّة غير المحرّفة فيضاف «غير منسوخ» فيردّ ببعض الأحاديث القدسيّة إذا فرضت منسوخةً ؛ لإمكان نسخها بل و احتمال وقوعه.
ولو أُريد بالموصول الكلام العربيّ خاصّة ـ كما هو المنساق إلى الذهن ـ فيخرج بلاتكلّف نعم ، يبقى الإشكال بترجمتها العربيّة ، و يخطر بالبال أنّه حكاية مراد اللّه تعالى بلفظ آخَرَ ، لا حكايةُ قوله و كلامه .
و فيه ما فيه ، فتدبّر .

1.بحار الأنوار ۹۶ : ۲۵۴ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
362

عليه مع ضميمة «قال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم» ذلك فانّ مجموع قال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : صلّوا كما رأيتموني أُصلّي صار خبرا و لم يبق إنشاءً ، كما لا يخفى.
و لو أُورد عليه بعد ما مرّ ، بأنّ كلام الرواة ـ مطلقا ـ يدخل في الحدّ ، مع أنّه مقطوع بعدمه ؛ فيزاد (و يضاف إلى التعريف المذكور قولنا : يحكي ) ليخرج من كلام الرواة ما لا دخل له و لا تعلّق بها ، و (ليتمّ الطرد عنه مندوحة) فيتمّ ؛ لأنّ زيدٌ إنسان ـ مثلاً ـ و إن كان كلاما لنسبته خارج ، و لكن ليس في مرتبة الحكاية عن المعصوم.
(ثمّ لزوم اختلال عكس التعريفين) ـ كليهما ـ (بالحديث المسموع من المعصوم عليه السلام) نفسِه ، (قبل نقله عنه ظاهرٌ) لا خفاء فيه ، و لأنّه لايحكي قول المعصوم ، بل هو عينه ، (و التزام عدم كونه حديثا تعسّفٌ) عيانٌ ، لايحتاج إلى إظهار و بيان ؛ لاستلزامه عدم سماع أحد حديثا من معصوم عدا ما رواه عن مثله ، و لا يخفى وهنه على من له أدنى وقوف على مصطلحات المحدّثين ، و نوعُ اطّلاع على محاورات الأصحاب رضوان اللّه عليهم أجمعين.
(و لو قيل) ، دفعا للمحذور المذكور : إنّ (الحديث قول المعصوم عليه السلام أو حكاية قوله) ، على نحو من منع الخلوّ لا منع الجمع ، كما فيما حكاه معصوم عن مثله ، (أو) حكاية (فعله أو) حكاية (تقريره ، لم يكن بعيدا) .
و بالجملة ، فالحكاية غير مأخوذة في القول ، بل هو أعمّ من المحكيّ و غيره ، بخلاف الأخيرين ، فلابدّ فيهما من كونهما محكّيين .
(و أمّا نفس الفعل و التقرير ، فيطلق عليهما اسم السنّة لا الحديث) ، بخلاف القول نفسه ، كما عرفت بيانه ، (فهي) إذن (أعمّ منه مطلقا) ، فيصدق «كلّ حديث فهو سنّة» و هو أخصّ منها كذلك ، فيصدق «بعض السنّة ليس بحديث».
و ربمّا ۱ قيل : إنّ السنّة قول المعصوم أو فعله أو تقريره غير العاديات ، و الرواية

1.قوانين الأُصول : ۴۰۹ ؛ فرائد الأُصول ۱ : ۳۶۵ ؛ أُصول الفقه للمظفّر ۲ : ۵۷ ؛ مصباح الاُصول ۲ : ۱۴۷ ؛ زبدة الأُصول : ۸۷ ؛ منتقى الأُصول ۴ : ۲۴۹ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7277
صفحه از 640
پرینت  ارسال به