35
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

الفقه ، و نحوها. ۱ لأنّ الغرض منه الرواية لا المعرفة و الدراية ، و هي تتحقّق بها.
نعم ، ينبغي له المعرفة بالعربيّة حذرا من اللحن و التصحيف بل الأولى الوجوب ، لما ورد عنهم عليهم السلاممن قولهم : «أعربوا أحاديثنا فإنّا قوم فصحاء» ۲ و هو يشمل القلم و اللسان كما ترى.

منهج [۶] : [ في أنّ شرائط الراوي معتبرة حين الأداء ، لا حال التحمّل ]

المعتبر بحال الراوي وقت أداء الرواية ، لا وقت تحمّلها .
فلو تحمّلها غير متّصف بشرائط القبول ، ثمّ أدّاها في وقت يظنّ اتّصافه و استجماعه لها قبلت منه.
أمّا لو جهل حاله أو كان في وقت غير إمامي ، أو فاسقا ، ثمّ تاب ؛ و لم يعلم أنّ الرواية عنه هل وقعت قبل التوبة أو بعدها ؟ لم تقبل ما يظهر وقوعها بعدها .
فإن قلت : إنّ أجلّ الأصحاب يعتمدون في الرواية على مثل هؤلاء ، و يثقون بالخبر الوارد عنهم ، و يقبلونه منهم من غير فرق بينهم و بين ثقات الإمامية الذين لم يزالوا على الحقّ ، كقبولهم ، رواية «محمّد بن عليّ بن رياح و عليّ بن أبي حمزة و إسحاق بن جرير» الذين هم رؤساء الواقفيّة و أعيانهم ؛ و رواية «عليّ بن أسباط و الحسين بن يسار» مع أنّ تاريخ الرواية عنهم غير مضبوط ، ليعلم هل كانت بعد الرجوع إلى الحقّ أم قبله .
قلت : قبول الأصحاب ـ رضوان اللّه عليهم ـ الرواية عمّن هذا حاله ، لابدّ من ابتنائه

1.كالبصر ، فتقبل رواية الأعمى إذا جمع الشرائط . و عدم القرابة ، فيجوز رواية الولد عن والده و بالعكس . و القدرة على الكتابة ، فتقبل رواية الاُمّي إذا جمع الشرائط بلا خلاف و لا إشكال . و معروفية النسب ، فلو لم يعرف نسبه ، و حصلت الشرائط قبلت روايته. و استفدنا هذا كلّه من مقباس الهداية ۲ : ۴۹ ـ ۵۶ .

2.الكافي ۱ : ۵۲ ؛ وسائل الشيعة ۱۸ : ۵۸ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
34

فإنّ من لا ضبط له قد يغلب عليه السّهو في كيفيّة النقل و نحوها .
و قيل : «المراد بالضابط من لا يكون سهوه أكثر من ذكره» . ۱
و هذا القيد ـ أعني الضبط ـ لم يذكره المتأخّرون ـ قدّس اللّه أرواحهم ـ . و اعتذر الشهيد الثاني ـ نوّر اللّه مرقده ـ عن عدم تعرّضهم لذكره ، بأنّ قيد العدالة مغنٍ عنه ، لأنّها تمنعه أن يروي من الأحاديث ما ليس مضبوطا عنده على الوجه المعتبر . ۲
و اعترض عليه : «بأنّ العدالة إنما تمنع من تعمّد نقل غير المضبوط عنده : لا من نقل ما يسهو عن كونه مضبوطا فيظنّه مضبوطا» . ۳
و الحقّ أنّ العدالة لاتغني عن الضبط ؛ لأنّ من كثر سهوه فربّما يسهو عن أنّه كثير السّهو ، فيشكل الأمر .
و ما أحسن ما قال العلاّمة ـ أعلى اللّه مقامه ـ في النّهاية :
«إنّ الضبط من أعظم الشرائط في الرواية ؛ فإنّ من لا ضبط له قد يسهو عن بعض الحديث أو يكون ممّا تتمّ به فائدته و يختلف الحكم به ؛ أو يسهو فيزيد في الحديث ما يضطرب به معناه ؛ أو يبدّل لفظا بآخر ؛ أو يروي عن النبيّ صلى الله عليه و آله و يسهو عن الواسطة ؛ أو يروي عن شخص فيسهو عنه و يروي عن آخر» . ۴
انتهى كلامه .
و أمّا الندرة من السهو فلا بأس ، لعدم السلامة منه إلاّ للمعصوم . فالتكليف بزواله عن غيره أصلاً تكليف بالمحال .
و لايشترط فيه غير ما ذكر من الأوصاف الخمسة : من الحرّية ، و الذكورة ، و

1.قوانين الاُصول : ۴۶۲ .

2.البداية : ۶۶ [البقّال ۲ : ۳۷] .

3.مشرق الشمسين : ۲۷۰ .

4.نهاية الوصول إلى علم الأصول : ۴۸۲ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7007
صفحه از 640
پرینت  ارسال به