253
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

وأمّا بطلان المقدّم؛ فلما مرّت إليه الإشارة من الإخبار بالغرائب من الأحاديث المكذوبة، كأحاديث الكفر والزندقة الصادرة عن المُغيرة بن سعيدٍ، وأبي الخطّاب ـ أعني محمّد بن مقلاس، المكنّى بأبي زينب ـ وأمثالهما من الملاعين [ الذين] يتعمّدون الكذب على الأئمّة سلام اللّه عليهم، ويأخذون كتب أصحابهم عليهم السلام .
وكان أصحابُ هؤلاء الملاعين المستترون بأصحابهم عليهم السلام يأخذون الكتب من أصحابهم فيدفعونها إلى المُغِيرة، فكان يدسّ فيها الكفر والزندقة، ويُسندها إلى أبي عبد اللّه عليه السلام ـ مثلاً ـ .
كما روى يونس بن عبد الرحمن عن هشام بن الحكم أنّه سمع أبا عبد اللّه عليه السلاميقول: «كان المُغِيرَة بن سعيدٍ يتعمّد الكذب على أبي ويأخذ كتب أصحابه، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المُغيرة، وكان يدسّ فيها الكفر [ والزندقة ]ويُسندها إلى أبي عليه السلام ثمّ يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم أن يثبتوها في الشيعة، فكلّ ما كان في كتب أصحاب أبي من الغلوّ فذاك ممّا دسّه المغيرة بن سعيدٍ في كتبهم» . ۱
وبإسناده ۲ عن حمّادٍ، عن حَريز، [ عن زُرارة قال] قال: ـ يعني أبا عبد اللّه عليه السلام ـ «إنّ أهلَ الكوفة قد نزل فيهم كذّابٌ ـ المُغيرة ـ فإنّه يكذب على أبي» يعني: أبا جعفرٍ عليه السلام قال: «حدّثني أنّ نساء آل محمّدٍ صلى الله عليه و آله وسلم إذا حِضْنَ قَضَيْنَ الصلاة، وكذب واللّه ـ عليه لعنة اللّه ـ ما كان من ذلك شيءٌ، ولاحدّثه، وأمّا أبو الخطّاب فكَذبَ عليّ وقال: إنّي أمرتُه أن لايصلّي ـ هو وأصحابه ـ المغربَ حتّى يَرَوا كوكب [ كذا]». ۳
وقال يونس بن عبد الرحمن عن هشام بن الحكم ـ أيضا ـ : أنّه سمع أبا عبد اللّه عليه السلاميقول: «لاتقبلوا علينا حديثا إلاّ ما وافق القرآن والسُنّة، أو تجدون معه شاهدا من

1.مجمع الرجال ۶ : ۱۱۹ .

2.يعني: الكشّيّ .

3.مجمع الرجال ۶ : ۱۲۱ ؛ و في الوسائل ۴ : ۱۹۳ ، ح ۲۳ : حتّى يروا كواكب كذا يقال له : القيداني ، واللّه إنّ ذلك الكواكب ما أعرفه .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
252

العمل بما هو أضعفُ منه ، هذا إذا لم يكن له معارضٌ من الحديث، ومعلومٌ أنّ ترجيح الأضعف على الأقوى غير جائز .
وقد ذكر أكثر هذه الوجوه بعضُ المحقّقين من المتأخّرين، وإن كان بعضها يمكن المناقشة فيه فمجموعها لايمكن ردّه عند الإنصاف .
ومَن تأمّل وتتبّع عَلِمَ أنّ مجموع هذه الوجوه، بل كلّ واحدٍ منها أقوى وأوثق من أكثر أدلّة الاُصول، وناهيك بذلك برهانا، فكيف إذا انضمّ إليها الأحاديث المتواترة السابقة في كتاب القضاء .
وعلى كلّ حالٍ، فكونها أقوى ـ بمراتب ـ من دليل الاصطلاح الجديد؛ لاينبغي أن يرتاب فيه مُنْصفٌ، واللّه الهادي . ۱
أقول: الجواب [ عن] هذه [ الوجوه أنّها] شكوكٌ وشُبُهات لايحتاج ردّها إلى تجشّم البراهين والدلائل، وجملة جواب ما ذكره هذا الفاضل إمّا بطريق الإجمال أو التفصيل .

أمّا الجواب الإجماليّ:

فأوّلاً: أنّ تلك الوجوه لو سلّمنا أن مقتضاها الحكم بصحّة الأخبار المودَعة في الكتب الأربعة ظاهرا، إلاّ أنّ ذلك الاقتضاء أمرٌ بَدْويٌّ ، وحصول الظنّ منها ظاهريٌّ؛ بعد ملاحظة ذهاب الطائفة إلى خلافها، وإعراضهم ـ قاطبةً ـ عن العمل بمقتضاها البدويّ، [ فـ] يزول الظنّ المزبور بالكلّيّة .
وثانيا : يلزم ـ على مقالة الفاضل ومَن قال بمقالته كمولانا الأسترآباديّ، وسيّدنا التُسْتَريّ، وصاحب الحدائق على ما مرّت إليه الإشارة، وسيجيئ الكلام فيه مستوفىً ـ عدم قطعيّة تلك الأخبار، إذ القول بصحّة الأخبار المودَعة وقطعيّتها بالكلّيّة؛ يلزم [ منه] القول بعدم صحّتها، وعدم قطعيّتها، وما يستلزم وجودُه عدمَه فهو باطلٌ، فبطلان التالي لايحتاج إلى البيان .

1.خاتمة وسائل الشيعة ۳۰ : ۲۵۱ ـ ۲۶۵ ، الفائدة التاسعة .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7398
صفحه از 640
پرینت  ارسال به