251
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

لايجوز العمل بغيره، وليس هذا بقياسٍ، بل عملٌ بعموم النصّ وإطلاقه .
وقد وردت الأحاديث الكثيرة ـ جدّا ـ في الأمر بالرجوع إلى روايات الثقات مطلقا ـ كما عرفت ـ فدخلت روايتهم عن المعصوم وروايتهم عن كتابٍ معتمد .
المتمّم العشرين: أن نقول: هذه الأحاديث الموجودة في الكتب المعتمدة ـ التي هي باصطلاح المتأخّرين صحيحة لا نزاع فيها، والتي هي باصطلاحهم غير صحيحة ـ إمّا أن تكون موافقةً للأصل، أو مخالفةً له .
فإن كانت موافقةً له؛ فهم يعملون بالأصل الذي لم تثبت حُجّيّته، [ بل ثبت عدمها، ويعملون] بها لموافقتها له، ولايتوقّفون فيها، ونحن نعمل بهذه الأحاديث التى أُمرنا بالعمل بها، ومآل الأمرين واحدٌ [ هنا].
وإن كانت مخالفةً للأصل؛ فهي موافقة للاحتياط، ونحن مأمورون بالعمل به ـ كما عرفت في القضاء وغيره ـ ولم يخالف أحدٌ من العقلاء في جواز العمل به، سواءٌ قالوا بحجّية الأصل، أم لا .
ولايَرِدُ: أنّه يلزم جواز العمل بأحاديث العامّة، والكتب التي ليست بمعتمَدةٍ .
لأنّا نُجيب بالنصّ المتواتر في النهي عن العمل بذلك القِسْم، فإن لم يكن هناك نصٌّ؛ كان عملُنا بأحاديثنا الواردة في الاحتياط .
الحادي والعشرون : أنّ أصحاب الكتب الأربعة وأمثالَهم قد شهدوا بصحّة أحاديث كتبهم، وثبوتها، ونقلها من الاُصول المُجْمَع عليها .
فإن كانوا ثِقاتا؛ تعيّن قبول قولهم، وروايتهم، ونقلهم، لأنّه شهادةٌ بمحسوس .
و إن كانوا غيرَ ثقاتٍ؛ صارت أحاديث كتبهم ـ كلّها ـ ضعيفةً، لضعف مؤلّفيها، وعدم ثبوت كونهم ثقاتا ، بل ظهور تسامحهم وتساهلهم في الدين، وكذبهم في الشريعة، واللازم باطلٌ فالملزوم مثله .
الثاني والعشرون : أنّ مَن تتبّع كتب الاستدلال علم ـ قطعا ـ أنّهم لايردّون حديثا لضعفه ـ باصطلاحهم الجديد ـ ويعملون بما هو أوثق منه، ولا مثله، بل يضطرّون إلى


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
250

وهي مسألة أصوليّة لايجوز التقليد فيها، ولا العمل بدليلٍ ظنّيٍّ؛ اتّفاقا من الجميع، وليس لهم هنا دليلٌ قطعيٌّ، فلايجوز العمل به .
وما يتخيّل من الاستدلال به لهم ظنيٌّ السند، أو الدلالة، أو كليهما، فكيف يجوز الاستدلال بظنٍّ على ظنٍّ، وهو دَوْريٌّ؟ مع قولهم عليهم السلام: شرّ الأمور مُحْدَثاتُهاالفقيه ۴ : ۴۰۳ ، ح ۵۸۷۱ . ، وقولهم عليهم السلام: عليكم بالتِّلاد . ۱
السابع عشر: أنّهم اتّفقوا على [ أنّ] مورد التقسيم هو خبر الواحد الخالي عن القرينة، وقد عرفت أنّ أخبار كتبنا المشهورة محفوفة بالقرائن، وقد اعترف بذلك أصحاب الاصطلاح الجديد في عِدّة مواضعَ قد نقلنا بعضَها، فظهر ضعف التقسيم المذكور، وعدمُ وجود موضوعه في الكتب المعتمدة .
وقد ذكر صاحب المنتقى ۲ : أنّ أكثر أنواع الحديث المذكورة في دراية الحديثِ بين المتأخّرين من مستخرجات العامّة بعد وقوع معانيها في أحاديثهم، وأنّه لا وجودَ لأكثرها في أحاديثنا .
وإذا تأمّلت وجدتَ التقسيم المذكور من هذا القبيل .
الثامن عشر : إجماع الطائفة المحقّة ـ الّذي نقله الشيخ والمحقّق وغيرهما ـ على نقيض هذا الاصطلاح، واستمرّ عملهم بخلافه من زمن الأئمّة عليهم السلام إلى زمن العلاّمة في مدّةٍ تقارب سبعمائة سنة، وقد عُلم دخول المعصوم في ذلك الإجماع ـ كما عرفت ـ .
التاسع عشر : أنّ علماءَنا الأجلاّء الثقات إذا نقلوا أحاديثَ وشهدوا بثبوتها وصحّتها ـ كما في أحاديث الكتب المذكورة سابقا ـ لم يَبْقَ عند التحقيق فرقٌ ـ في الاعتماد، ووجوب العمل ـ بين ذلك وبين أن يدَّعُوا أنّهم سمعوها من إمام زمانهم، لظهور علمهم، وصدقهم، وجلالتهم، وكثرة الاُصول المتواترة المُجْمَع عليها في زمانهم، وكثرة طرق تحصيل اليقين والعلم عندهم، وعلمهم بأنّه ـ مع إمكان العلم ـ

1.الكافي ۲ : ۶۳۹ ـ كتاب العِشْرة، باب من تجب مصادقته ومصاحبته، وفيه: عليك بالتِّلاد .

2.منتقى الجُمان ۱ : ۱۰ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7404
صفحه از 640
پرینت  ارسال به