219
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

سند الحديث، ومَتْنه، وكيفيّة نقله، وطرقه من حيث الصحّة وعدمها .
فيصدق على علم الدراية أنّه [ علم] يُبحث فيه عن أحوال الخبر .
وبقولنا: «صحّةً وضعفا» يصير علم الدراية خارجا عن المحدود ـ وهو علم الرجال ـ و إن [ كان] يُبحث في علم الدراية عن سند الحديث من حيث الصحّة أيضا، إلاّ أنّ البحث في علم الدراية بحسب الكلّيّة والنوع، بمعنى أنّ الحديث الصحيح ـ عند أصحاب الدراية ۱ ـ عبارةٌ عمّا اتّصل سنده إلى المعصوم عليه السلامبنقل عَدْلٍ، إماميٍّ، ضابطٍ ـ مثلاً ـ .
فيُستفاد من تعريف علم الدراية أنّ الخبر الصحيح عندهم كذا وكذا ـ على سبيل الكلّيّة ـ من غير أن يُستفادَ منه صحّة خبرٍ خاصٍّ في واقعةٍ خاصّةٍ، نحو غُسل زيارة الجامعة في يوم كذا .
بخلاف صحّة الخبر المستفاد من علم الرجال، فإنّ شأن أصحاب علم الرجال أن يبحثوا فيه عن أحوال الخبر الخاصّ من الراوي الخاصّ، أعني زُرارةَ ومحمّد بن مسلمٍ ـ مثلاً ـ فيُستفاد منه صحّة هذا الخبر، وضَعْف ذاك الخبر الفلاني المذكور في باب وجوب غُسل الجمعة ـ لو استفاد من علم الرجال أنّه صحيح ـ [ و] يُسمّى هذا العلم بعلم الرجال .
ولو قيل: إنّ الخبر الصحيح ما هو؟
فجوابه: أنّ الصحيح من الأخبار ما كان راويه إماميّا، عدلاً، ضابطا، [ و ]يُسمّى ذلك الجواب علمُ الدراية .
فيتّضح الفرق بينهما وضوحا بيّنا .
ومعنى قولنا: «وما في حُكمهما» أنّ حالة الحُسْن والموثَّقيّة في حكم الصحّة، بمعنى أنّ كلَّ واحدٍ من الوصفَيْن يصير محلاًّ للاعتماد على خبر الواحد الواجد لأحد الوصفيْن .

1.البداية في علم الدراية: ۲۳ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
218

والخامس : في ألفاظ الجَرْح والتعديل؛ من كونه ۱ ثقةً، عَدْلاً، خَيِّرا، فاضلاً، أو كذّابا، أو واهِيا، أو طاطَرِيّا، أو ناوُوسِيّا، أو فَطَحِيّا، أو نحوهما ممّا يدلّ على المدح أو القدْح ، مطابقةً أو التزاما .
والسادس: في بيان لزومِ ذِكْر أسباب الجَرْح والعَدالة ـ كما ذكرناها ـ أو [ أنّه ]لايلزم ذِكْرها .
والسابع: في كيفيّة الأمر ۲ عند تعارض الجرح والتعديل .
والثامن: في كيفيّة الرجوع إلى علم الرجال، والتمييز بين المشتركات .
والخاتمة: في بيان مشايخ هذا العلم، وأرباب الفنّ، ورجحان قول بعضهم على بعضٍ عند التعارض في الجَرْح والتعديل .

أمّا الأمر الأوّل من [ الأمور] الثلاثة ؛ [ف ] في المقدّمة

فاعلم: أنّ «علم الرجال علمٌ يُقْتَدَرُ [ به] على معرفة أحوال خبر الواحد ـ صحّةً وضَعْفا، وما في حكمهما ـ بمعرفة سنده، وسِلْسلة رواته؛ ذاتا ووصفا، مَدْحا وقَدْحا، و[ ما] في معناهما».
فالعلم؛ بمنزلة الجنس، يدخل فيه معرفة علم الصَّرف وسائر العلوم.
وبقولنا: «يُقْتَدر به على معرفة أحوال خبر الواحد» تخرج منه سائر العلوم من النحو والصَّرف والكلام والنجوم وغيرها ممّا لايبحث [ عن ]أحوال الرُّواة؛ إلاّ علم الدِّراية، فلابُدَّ حينئذٍ من إقامة البرهان على خروج غير علم الدِّراية، وعلى دخوله .
أمّا الدليل على خروج غيره من سائر العلوم؛ فواضحٌ .
[ و] أمّا دخوله؛ فلأنّه ـ على ما عرَّفه شيخنا الشهيد الثاني ۳ ـ علمٌ يُبحث فيه عن

1.أي: الراوي .

2.يعني : العِلاج .

3.اُنظر: شرح البداية في علم الدراية: ۵ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7135
صفحه از 640
پرینت  ارسال به