173
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

الطريق الثامن : الوجادة

و هي مصدر لوجد يجد ، مولّد غير مسموع من العرب ، و هي أن يقف على أحاديث بخطّ راويها و لم يسمعها منه الواجد و لا له منه إجازة أو نحوها . فله أن يقول : «وجدت» أو «قرأت بخطّ فلان» . فهذا الذي استمرّ عليه العمل قديما و حديثا ، و هو من باب المنقطع ، و فيه شوب اتّصال.
و ربما دلّس بعضهم فذكر الذي وجد بخطّه و قال فيه : «عن فلان» أو «قال فلان» و هو قبيح إن أوهم سماعه . و قد جازف بعضهم فأطلق في الوجادة «حدّثنا» و «أخبرنا» و أُنكر عليه ذلك ؛ لأنّه أقبح تدليس قادح في الرواية.
و بالجملة : فإنّ الوجادة هي أن يجد بخطّ يعرف كاتبه فيقول : «وجدت بخطّ فلان» و لايسوغ فيه إطلاق «أخبرني» بمجرّد ذلك إلاّ إن كان له منه إذن بالرواية عنه بأن يقول له : «متى وجدت حديثا أو كتابا بخطّي فاروه عنّي».
تذنيب : في بيان أُمور :
فاعلم إنّه إذا وجد حديثا في تأليف شخص و قال : «ذكر فلان» أو قال : «أخبرنا فلان» فهذا منقطع . و هذا كلّه إذا وثق بأنّه خطّه أو كتابه و إلاّ فليقل : «بلغني عن فلان» أو «وجدت عنه» أو نحوه أو «قرأت في كتابٍ أخبرني فلان أنّه بخطّ فلان» أو «ظننت أنّه خطّ فلان» أو «ذكر كاتبه أنّه فلان» أو «تصنيف فلان» أو قيل : «بخطّ أو تصنيف فلان» و إذا نقل من تصنيف فلا يقل : «قال فلان» إلاّ إذا وثق بصحّة النسخة بمقابلته أو ثقة لها ، فإن لم يوجد هذا و لا نحوه فليقل : «بلغني عن فلان» أو «وجدت في نسخة من كتابه» و نحوه . و أمّا إطلاق اللفظ الجازم كما يعتمده أكثر الناس في جملة من الأعصار و الأزمنة فتسامح.
و قد يقال : إن كان المطالع عالما متقنا لايخفى عليه الساقط و المغيَّر رجونا جواز الجزم له ، فبهذا استروح كثير من المصنّفين ، و أما ما يوجد على حواشي بعض الكتب ، فإن كان بخطّ معروف فلا بأس بنقله و نسبته إلى من هو له ، و إلاّ فلايجوز اعتماده إلاّ


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
172

الطريق السادس : الإعلام

و هو أن يُعلم الشيخ الطالب أنّ هذا الحديث أو الكتاب روايته أو سماعه مقتصرا على ذلك ، فجوّز به الرواية على ما حكاه جماعة أكثر أصحاب الحديث و الفقه و الأُصول.
و قد صرّح جمع من المتأخّرين من فضلاء العامّة بأنّ الصحيح ما قاله غير واحد من المحدّثين و غيرهم أنّه لاتجوز الرواية به ، لكن يجب العمل به إن صحّ سنده . ۱
و قال بعضهم في المقام : «الإعلام هو أن يُعلم الشيخ أحد الطلبة ب ( إنّني أروى الكتاب الفلاني عن فلان) فإن كان له منه إجازة اعتبر و إلاّ فلا عبرة بذلك» . ۲
أقول : إنّ الإعلام هاهنا كإرسال الكتابة في السابق ، بمعنى أنّ الإعلام كالإرسال من القرائن الدالّة على وقوع الإجازة من الشيخ و قصده إيّاها و إن لم يتلفّظ بها حين الإعلام ، فتأمّل.

الطريق السابع : الوصيّة بالكتاب

و هي أن يوصي عند موته أو سفره لشخص معيّن بأصله أو بأُصوله أو كتبه . فقال جمع : إنّ ذلك مما جوّزه بعض السلف . ۳
و قد يقال : إنّ هذا ممّا قال به قوم من الحذّاق و المتقدّمين ، لكن الجمهور قد أبوا ذلك إلاّ إن كان له منه إجازة . ۴
أقول : يمكن أن يقال هاهنا أيضا ، إنّ نفس الوصيّة من جملة القرائن الدالّة على تحقّق الإذن و الإجازة من الشيخ ؛ فتأمّل.

1.مقدمة ابن الصلاح : ۱۱۶ ؛ تدريب الراوي : ۳۵۳ .

2.نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر : ۱۲۵ .

3.التقريب : ۵۷ .

4.نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر : ۱۲۵ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6971
صفحه از 640
پرینت  ارسال به