و أمّا الخلاف في ذلك بأنّها لا تجوز الرواية بها و العمل بها ـ كما عن جمعٍ و منهم : الشافعي في أحد قوليه ۱ ـ فإنّه و إن كان على طبق بعض الأُصول الأوّليّة إلاّ أنّه مردود بما مرّت إليه الإشارة من قضيّة السيرة القطعيّة المسدّدة بجملة من الأُصول و المؤيّدة بالاعتبار الصحيح من أنّها إخبار بمرويّاته جملة ، فيصحّ كما إذا أخبر بها تفصيلاً ، و الإخبار لايفتقر إلى النطق صحيحا كالقراءة عليه.
النوع الثاني : إجازة لمعيّن في غير معيّن كقوله : «أجزتك مسموعاتي» أو «مرويّاتي» فالخلاف فيه أقوى و أكثر . و الجمهور من الطوائف جوّزوا الرواية و أوجبوا العمل بها ، فكلّ ما مرّت إليه الإشارة يتمشّى هاهنا أيضا إلاّ دعوى السيرة القطعيّة ، و مع ذلك لا يستبعد جريانها هاهنا أيضا ؛ فتأمّل.
النوع الثالث : إجازة العموم بمعنى أنّه يجيز غير معيّن بوصف العموم كقوله :
«أجزت المسلمين» أو «لمن أدرك زماني» أو «لمن في عصري» و ما أشبه ذلك . فمن منع ما تقدّم فهذا أولى ، و من جوّزه اختلفوا في هذه فجوّزها جمع مطلقا ، فإن قيّدت بوصف حاصر خاصّ فأولى بالجواز.
و جوّز بعضهم الإجازة لجميع المسلمين الموجودين عندها، ۲ و بعضهم لمن دخل في طلب الحديث من طلبة العلم . ۳
و قد نقل عن بعضهم أنّه قال : «لم يسمع عن أحد ممّن يقتدى به أنّه استعمل هذه الإجازة فروى بها» و في أصل الإجازة ضعف ، فازداد بهذا ضعفا لا ينبغي إحتماله . ۴
هذا ، فقد تنظّر فيه جمع قائلين : «إنّها قد أجازها خلق و استعملها جماعات من الأئمّة المتقدى بهم و الحفّاظ الأثبات.
و قد قيل : إنّه لمّا قدم الشيخ صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمّد بن المؤيّد