165
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

و أمّا الخلاف في ذلك بأنّها لا تجوز الرواية بها و العمل بها ـ كما عن جمعٍ و منهم : الشافعي في أحد قوليه ۱ ـ فإنّه و إن كان على طبق بعض الأُصول الأوّليّة إلاّ أنّه مردود بما مرّت إليه الإشارة من قضيّة السيرة القطعيّة المسدّدة بجملة من الأُصول و المؤيّدة بالاعتبار الصحيح من أنّها إخبار بمرويّاته جملة ، فيصحّ كما إذا أخبر بها تفصيلاً ، و الإخبار لايفتقر إلى النطق صحيحا كالقراءة عليه.
النوع الثاني : إجازة لمعيّن في غير معيّن كقوله : «أجزتك مسموعاتي» أو «مرويّاتي» فالخلاف فيه أقوى و أكثر . و الجمهور من الطوائف جوّزوا الرواية و أوجبوا العمل بها ، فكلّ ما مرّت إليه الإشارة يتمشّى هاهنا أيضا إلاّ دعوى السيرة القطعيّة ، و مع ذلك لا يستبعد جريانها هاهنا أيضا ؛ فتأمّل.
النوع الثالث : إجازة العموم بمعنى أنّه يجيز غير معيّن بوصف العموم كقوله :
«أجزت المسلمين» أو «لمن أدرك زماني» أو «لمن في عصري» و ما أشبه ذلك . فمن منع ما تقدّم فهذا أولى ، و من جوّزه اختلفوا في هذه فجوّزها جمع مطلقا ، فإن قيّدت بوصف حاصر خاصّ فأولى بالجواز.
و جوّز بعضهم الإجازة لجميع المسلمين الموجودين عندها، ۲ و بعضهم لمن دخل في طلب الحديث من طلبة العلم . ۳
و قد نقل عن بعضهم أنّه قال : «لم يسمع عن أحد ممّن يقتدى به أنّه استعمل هذه الإجازة فروى بها» و في أصل الإجازة ضعف ، فازداد بهذا ضعفا لا ينبغي إحتماله . ۴
هذا ، فقد تنظّر فيه جمع قائلين : «إنّها قد أجازها خلق و استعملها جماعات من الأئمّة المتقدى بهم و الحفّاظ الأثبات.
و قد قيل : إنّه لمّا قدم الشيخ صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمّد بن المؤيّد

1.مقدمة ابن الصلاح : ۱۰۶

2.التقريب : ۵۰ .

3.و هو أبو محمّد بن سعيد أحد الجلّة من شيوخ الأندلس . مقدمة ابن الصلاح : ۱۰۷ .

4.مقدمة ابن الصلاح : ۱۰۷ بتفاوت يسير .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
164

ثمّ إنّه لايجوز إبدال «حدّثنا» ب «أخبرنا» أو عكسه في الكتب المؤلّفة ، فأمّا ما سمعته من لفظ المحدّث فهو على الخلاف في الرواية بالمعنى ؛ فتأمّل.
ثمّ إنّه إذا نسخ السامع أو المسموع حال القراءة ، فهل يصحّ السماع أي الرواية أم لا؟ فقيل : نعم ، و قيل : لا . و قيل : يقول : «حضرت» و لا يقول : «أخبرنا» ، و قيل : الصحيح هو التفصيل ، فإن فهم المقروء صحّ و إلاّ فلا.
و يجري هذا الخلاف فيما إذا تحدّث الشيخ أو السامع ، أو أفرط القارئ في الإسراع ، أو بَعُد بحيث لايفهم ، أو حضوره بمسمع منه إن قرئ عليه . و يكفي في المعرفة خبر ثقة .
ثمّ إنّه إذا قال المسموع منه بعد السماع : «لاترو عنّي» أو «رجعت عن إخبارك» و نحو ذلك غير مسند ذلك إلى خطأ أو شكّ و نحوه لم تمنع روايته ، ولو خصّ بالسماع قوما فسمع غيرهم بغير علمه جاز لهم الرواية عنه ، ولو قال : «أُخبركم و لا أخبر فلانا» لم يضرّ .
الطريق الثالث : الإجازة ، و أطلقوا المشافهة في الإجازة المتلفّظ بها مجوّزا ، و كذا المكاتبة في الإجازة المكتوب بها ، قيل : هذا موجود في عبارة كثير من المتأخّرين بخلاف المتقدّمين ؛ فإنّهم إنّما يطلقونها في ما كتبه الشيخ من الحديث إلى الطالب سواء أذن له في روايته أم لا ، لا فيما إذا كتب إليه بالإجازة فقط.
هذا ، و كيف كان فإنّ الأكثر من الخاصّة و العامّة على قبولها ، بل يمكن ادّعاء السيرة القطعيّة على ذلك قديما و حديثا ، جيلاً بعد جيل ، و عصرا بعد عصر في الجملة ، بمعنى أنّ السيرة القطعيّة متحققّة في ذلك.
ولو كانت بالنسبة إلى أوّل نوع من أنواعها فهي على أنواع:
النوع الأوّل: و هو أعلاها إجازة معيّن لمعيّن ، نحو : «أجزتك رواية الكتب الأربعة ، مثلاً أو أجزت فلانا ما اشتمل عليه فهرستي» و نحو ذلك .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7032
صفحه از 640
پرینت  ارسال به