145
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

ذلك من جريان التدليس و الإضطراب و القلب و تمشيتها في الصحيح و الحسن و الموثّق و القوي أيضا تجد ما أشرنا إليه من دعوى خروج الصور و الأقسام عن حدّ الاحصاء و الاستقصاء من الدّعاوى الصادقة.
فإتقان الأمر و استحكامه في ذلك بضبط الأقسام و الصور و الضروب و الأنواع ممّا له منفعة عظيمة و فائدة كثيرة في باب التعارض و الترجيح . فهذا كلّه لمن أراد التمهّر و الحذاقة في هذه الصناعة.

الفائدة السابعة :

الرواة إن اتّفقت أسماؤهم و أسماء آبائهم فصاعدا و اختلفت أشخاصهم ، سواء اتّفق في ذلك اثنان منهم أو أكثر ، و كذلك إذا اتّفق اثنان فصاعدا في الكنية و النسبة ، فهذا النوع الذي بنى له المتّفق و المفترق و فائدة معرفته خشية أن يظنّ الشخصان شخصا واحدا . و قد كتب في هذا الفنّ جمع من علماء العامّة و بالغ جمع في مدح كتاب الخطيب. ۱
ثمّ إن اتّفقت الأسماء خطّا و اختلفت نطقا سواء كان مرجع الاختلاف النقط أو الشكل فهو المؤتَلِف و المختلِف ، و معرفته من مهمّات هذا الفنّ حتّى قيل : أشدّ التصحيف ما يقع في الأسماء ، و وجّهه بعضهم بأنّه شيء لا يدخله القياس ، و لا قبله شيء يدلّ عليه و لا بعده ؛ و لأجل هذا قيل : إنّ هذا فنّ يقبح جهله بأهل العلم و خصوصا بالمحدّثين ، و قد كتبوا فيه أيضا كتبا كثيرة.
ثمّ إن اتّفقت الأسماء خطّا و نطقا و اختلفت الآباء نطقا مع ائتلافها خطّا كمحمّد بن عقيل بفتح العين و محمّد بن عُقيل بضمّها أو بالعكس ، كأن تختلف الأسماء نطقا و تأتلف خطّا و يتّفق الآباء خطّا و نطقا كشريح بن النعمان و سريج بن النعمان . الأوّل: بالشين المعجمة و الحاء المهملة ، و هو تابعي يروي في كتب العامّة عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب . و الثاني : بالسين المهملة و الجيم ، و هو من

1.مقدمة ابن الصلاح : ۲۰۶ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
144

الخمسة الأصليّة ، هي هذه» ۱ ثمّ ذكر بعد قوله : «هي هذه» المرسل و المقطوع و المعضل و الموقوف و المقطوع في الوقف و المدلَّس و المضطرب و المقلوب و الموضوع.
هذا ، و أنت خبير بأنّ أقسام الحديث من الخمسة الأصليّة و الفرعيّة المتفرّع عليها و المنشعب منها ممّا لايحصى و لايستقصى عدّها و حصرها ، و ذلك إذا لوحظت الأقسام الفرعيّة بعضها مع البعض من الوحدة و التركيب الثنائي و الثلاثي و الرباعي و هكذا ممّا يسعه مقام كلّ واحد منها لذلك بحسب شأنه و حقيقته القابلة.
أما ترى أنّ الضعيف الذي تتفاوت درجاته بحسب بعده من شروط الصحّة ، و قد يقال لأعلاها أيضا تترقى أقسامه إلى قريب من خمسين قسما بل أزيد ، فكلّها داخل تحت الضوابط المذكورة.
فإن أردت أن تهتدي إلى معرفة ذلك في الضعيف ـ مثلاً ـ فاعلم أنّ طريق بسط أقسامه أن يجعل ما عدمت فيه صفة معيّنة قسما ، و ما عدمت فيه هي و اُخرى قسما ثانيا ، و ما عدمتا فيه و ثالثة قسما ثالثا ، ثمّ كذلك إلى آخرها ، ثمّ تعيّن صفة من الصفات التي قرنها مع الأولى فيجعل ما عدمت فيه وحدها قسما و ما عدمت فيه هي و أُخرى تعيّنها غير الأولى قسما ، ثمّ كذلك على ما تقدّم . مثاله : المنقطع الشاذّ المرسل المضطرب قسم رابع ، ثمّ كذلك إلى آخر الصفات ، ثمّ تعود و تقول : الشاذّ فقط قسم خامس مثلاً ، الشاذ المرسل قسم سادس ، الشاذ المرسل المضطرب قسم سابع ، ثمّ تقول : المرسل فقط قسم ثامن ، المرسل المضطرب قسم تاسع ، المرسل المضطرب المعضل قسم عاشر ، و كذلك إلى آخرها . فإذا أضفت إلى تلك الأقسام المتصوّرة و التراكيب المعقولة للصحيح ، و لا سيّما بعد ملاحظة درجات الصحيح و أخذها من الفوق إلى التحت و ما بينهما من المراتب الكثيرة.
و هكذا الحال في الموثّق و الحسن و القويّ ، و بعد ملاحظة أمر آخر أيضا ، و

1.الرواشح السماوية : ۱۷۰ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7196
صفحه از 640
پرینت  ارسال به