123
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

من فوائده زيادة الضبط ، و قلّما يسلم عن خلل في التسلسل. ۱
هذا ، و لايخفى عليك أنّ المقصود من ذلك أنّ التسلسل ليس ممّا له مدخل في قبول الرواية و عدمه ، و إنّما هو فنّ من فنون الضبط و ضرب من ضروب المحافظة ، ففيه فضل الحديث من حيث الاشتمال عن مزيد ضبط للرواة ، و أفضل ذلك ما فيه دلالة على اتّصال الأسماء .
ثمّ المسلسلات قلّ ما يسلم منها ممّن طعن في وصف تسلسله لا في أصل متنه أو في رجال طريقه.
ثمّ اعلم أنّه قيل : و قد يقع التسلسل في معظم الإسناد كالحديث المسلسل بالأوّليّة فإنّ السلسلة تنتهى فيه إلى سفيان بن عيينة فقط ، و من رواه مسلسلاً إلى منتهاه فقد وهم . و قيل : أيضا و قد ينقطع تسلسله في وسط كمسلسل أوّل حديث سمعته على ما هو الصحيح فيه ، و قيل : أيضا و قد ينقطع التسلسل في آخره كالمسلسل بالأوّليّة على الصواب ؛ فإنّه منقطع التسلسل عن سفيان بن عيينة ، و من رفع تسلسله بعد فقد غلط ، و قيل : بأوّل حديث سمعته منقطع وصف التسلسل في الوسط فإنّه ينتهي إلى سفيان بن عيينة و لايتعدّاه و غلط من رواه مسلسلاً إلى منتهاه.
و لايخفى عليك أنّ قول سفيان : «حدّثني شيخي ، و هو أوّل حديث سمعته منه» إلى قول : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال : الراحمون يرحمهم الرحمن ؛ و بعده عن عمرو بن دينار ، عن أبي قابوس مولى عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «الراحمون يرحمهم الرحمن» ۲ . ۳
و قال بعض الأجلّة منّا ـ في مقام تصحيح هذا الغلط أي في مقام عدّه من المستقبحات و إخراجه عن تحت الأغلاط و الأوهام ـ : إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آلهليس هو منتهى الإسناد بمعنى الطبقة الأخيرة من السند حتّى لايصحّ ما قاله ذلك البعض ، بل

1.مقدمة ابن الصلاح : ۱۶۶ .

2.سنن أبي داود ۲ : ۴۶۴ ؛ سنن الترمذي ۳ : ۲۱۷ ؛ المستدرك ۴ : ۱۵۹ .

3.تدريب الراوي : ۴۶۹ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
122

و بالجملة : فإنّ التسلسل في الحقيقة من صفات الإسناد ، فهو ـ كما عرفت ـ اتفاق الرواة في إسناد من الأسانيد في صيغ الأداء أو غيرها من الحالات . و صيغ الأداء على ثمان مراتب : الأولى : «سمعت و حدّثني» ، ثمّ : «أخبرني» ، و «قرأت عليه» ، ثمّ «قرئ عليه و أنا أسمع» ، ثمّ «أنبأني» ، ثمّ «ناولني» ، ثمّ «شافهني بالإجازة» ، ثمّ «كتب إليّ الإجازة» ، ثمّ «عن» و نحوها من الصيغ المحتملة للسماع و الإجازة و لعدم السماع أيضا . و هذا مثل : «قال» و «ذكر» و «روى».
ثمّ إنّه قد خصّ باسم المسلسل في سند الرواية الحديث المتسلسل باتفاق أسماء الرواة أو بأسماء أبنائهم أو كناهم أو أنسابهم أو بلدانهم ، و هكذا الحديث المتسلسل برواية الأبناء عن الآباء و هذا كحديث عبد اللّه التميمي . يقول : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيقول : «ما اجتمع قوم على ذكر اللّه إلاّ حفّتهم الملائكة و غشيتهم الرحمة»، ۱ و حديث اكنيه ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام و قد سئل عن الحنّان المنان ، فقال : «الحنّان هو الذي يقبل على من أعرض عنه ، و المنان هو الذي يبدأ بالنوافل قبل السؤال» الحديث. ۲
فالأوّل متسلسل باثنتي عشرة طبقة ، و الثاني بتسع طبقات.
و من المسلسل برجال الطريق : المسلسل باتفاق الصفة كحديث الفقهاء أي فقيه عن فقيه إلى منتهى السند ، و ذلك كما في حديث «المتبايعان بالخيار»، ۳ و كما في الحديث القدسي المتسلسل برواية عالم عن عالم مسندا عن أبي ذر و فيه «يا عبادي ، كلّكم ضالّون إلاّ من هديته». ۴
و قد يتسلسل السند باتّفاق الآباء و باتّفاق الصفة جميعا.
ثمّ اعلم أنّه قد ذكر جمع من علماء هذه الصناعة : و أفضله ما دلّ على الاتّصال ، و

1.مسند أبي يعلي ۲ : ۴۴۵ ، ح ۱۲۵۲ ؛ فيض القدير ۱ : ۵۶۷ .

2.مقدمة ابن الصلاح : ۱۸۶ .

3.صحيح البخاري ۳ : ۱۸ ؛ صحيح مسلم ۵ : ۱۰ ؛ سنن أبي داود ۲ : ۱۳۵ ، ح ۳۴۵۶ .

4.صحيح مسلم ۸ : ۱۷ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7228
صفحه از 640
پرینت  ارسال به