117
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

يستفتحون بالحمد للّه رب العالمين لايذكرون بسم اللّه الرحمن الرحيم في أوّل قراءة و لا في آخرها» ۱ وقد أعلّ الشافعي و غيره هذه الزيادة التي فيها عدم البسملة بأنّ جماعة مثل سفيان بن عيينة و السبيعي و غيرهم ـ سبعة أو ثمانية ـ خالفوا في ذلك ، و اتّفقوا على استفتاح بالحمد للّه ربّ العالمين و لم يذكروا البسملة قال : و العدد الكثير أولى بالحفظ من واحد. ۲انتهى كلامه.
و أمّا المثال لذلك من طريقتنا فهو ما ورد في مضمرة عليّ بن الحسين بن عبد ربّه الدالّة على كراهة الاستنجاء ولو باليد اليسرى إذا كان فيها خاتم أو فصّ من حجر زمزم، ۳ فالصحيح كما قال الشهيد رحمه الله ۴ و في نسخة من الكافي إيراد هذه الرواية بلفظ : من حجارة زمرّد. ۵ قال : و سمعناه مذاكرة. ۶
ثمّ إنّ من ضروب العلّة في المتن فقط كون الحديث مضطرب المتن دون الإسناد.
ثمّ إنّ الندس النطس و الحاذق المتحدّس المتتبّع يجد العلّة في أخبار كتابي التهذيب و الاستبصار متنا و إسنادا غير نادرة .
و منها : المقطوع في الوقف .
و هو ما جاء عن التابعي للصحابي أو عمّن في معناه ـ أي من هو لصاحب أحد من الأئمّة عليهم السلامفي معنى التابعي لصحابي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ـ من قوله أو فعله أو نحو ذلك موقوفا عليه .
و يقال له المنقطع أيضا في الوقف ، و هو مباين للموقوف على الإطلاق أو أخصّ

1.الرواشح السماوية : ۱۸۴ .

2.مسند أحمد ۳ : ۲۲۴ ؛ صحيح مسلم ۲ : ۱۲ .

3.السنن الكبرى ۲ : ۵۲ .

4.الذكرى : ۲۰ .

5.الكافي ۳ : ۱۷ باب القول عند دخول الخلاء .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
116

هذا ، و قال بعض الأجلّة منّا : إنّ «العلّة في السند قد تقدح في المتن أيضا كالتعليل بالإضطراب أو الوقف أو الإرسال أو التباس الثقة بغير الثقة من جهة اشتراك الإسم أو الكنية أو اللقب ، و تعارض القرائن و الأمارات الدالّة على التعيين.
و قد لا تقدح إلاّ في الإسناد خاصّة كالتعليل في الإسناد عن أحمد بن محمّد بن عيسى بأنّ الصحيح : أحمد بن محمّد بن خالد البرقي و هما ثقتان ، و كذلك في الإسناد عن عليّ بن رئاب بأنّ الصحيح : عن عليّ بن ريّان» . ۱
و في الإسناد عن الوشّا أبي محمّد البجلي جعفر بن بشير المعروف بالفقه و العلم بأنّ الصحيح : عن الوشّا أبي محمّد البجلي الحسن بن عليّ بن زياد ، و كلاهما ثقتان. ۲
و أنت خبير بما في هذه الأمثلة من الركاكة و عدم الاستقامة ؛ إذ هذا النمط من الإطلاق ممّا يكذّبه الحسّ و العيان ؛ نظرا إلى أنّ مقتضاه عدم وجود ابن ابن عيسى و هكذا ابن رئاب و هكذا ابن بشير في سندٍ من الأسانيد ، و الظاهر من السياق أنّ السهو و الغلط ليس من الناسخ بل من نفس هذا الأنبل الأجلّ قدس سره .
و كيف كان ، فإنّ العلّة في المتن قد مثّلوا لها بما في طريقتهم ممّا انفرد مسلم بإخراجه في حديث أنس من اللفظ المصرّح بنفي قراءة بسم اللّه الرحمن الرحيم، ۳ فعلّلوه بأنّ نفي مسلم البسملة صريحا إنّما نشأ من قوله : «كانوا يفتتحون بالحمد للّه رب العالمين» فذهب مسلم إلى المفهوم و أخطأ ، و إنّما معنى الحديث : أنّهم كانوا يفتتحون بسورة الحمد للّه رب العالمين.
و قال بعض العامّة في مقام ذكر المثال للعلّة في المتن : هي ما رواه مسلم في صحيحه عن الوليد بن مسلم ، قال : حدّثنا الأوزاعي عن قتادة أنّه كتب إليه يخبره عن أنس بن مالك أنّه حدّثه قال : «صلّيت خلف النبيّ صلى الله عليه و آله و أبي بكر و عمر و عثمان و كانوا

1.الرواشح السماوية : ۱۸۴ .

2.صحيح البخاري ۱ : ۱۸۱ ؛ صحيح مسلم ۲ : ۱۲ و ۵۴ و ۹۹ ؛ سنن النسائي ۲ : ۱۳۳ ؛ مسند أحمد ۳ : ۱۰۱ و ۱۱۴ و ۱۸۳ ؛ سنن الدارمي ۱ : ۲۸۳ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7037
صفحه از 640
پرینت  ارسال به