101
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

الأكثر ثمّ يذكر الإسناد إلى آخر السند ، و الصدوق رحمه اللهكثيرا ما يتعلّق إلى آخر السند . فيقول مثلاً : روى زرارة عن الباقر عليه السلام و نحو ذلك .
و البخاري من العامّة قد آثر الإكثار من التعليق في صحيحه ، و هو قليل جدّا في صحيح مسلم . قيل : فقد يفعل البخاري ذلك لكون الحديث معروفا من جهة الثقات عمّن علّقه عنه ، أو لكونه ذكره متّصلاً في موضع آخر من كتابه ، أو بسبب آخر لا يصحبه خلل الانقطاع. ۱
و منهما : المرسل ، و هو ما رواه عن المعصوم عليه السلام من لم يدركه في الرواية بإسقاط طبقة أو طبقات من البين ، و الأشهر لدى الأكثر تخصيص الإرسال بإسناد التابعي إلى النبيّ صلى الله عليه و آله .
قال بعض فضلاء العامّة : «اتّفق علماء الطوائف أنّ قول التابعي الكبير : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله كذا أو فعله يسمّى مرسلاً فإن انقطع قبل التابعي واحد أو أكثر قال الحاكم و غيره من المحدّثين : لايسمّى مرسلاً بل يختصّ المرسل بالتابعي عن النبيّ صلى الله عليه و آله فإن سقط قبله واحد فهو منقطع ، و إن كان أكثر فمعضل و منقطع ، و المشهور في الفقه و الأُصول أنّ الكلّ مرسل . و أمّا إذا قال : فلان عن رجل عن فلان ، فقال الحاكم : منطقع ليس مرسلاً ، و قال غيره : مرسل» . ۲
هذا : و قال بعض الأجلّة من علمائنا : «إنّ في حكم الإرسال ابهام الواسطة ك «عن رجل» و «عن بعض أصحابه» و نحو ذلك ، فأمّا «عن بعض أصحابنا» مثلاً ، فالتحقيق أنّه ليس كذلك ؛ لأنّ هذه اللفظة تتضمّن الحكم له بصحّة المذهب و استقامة العقيدة ، بل إنّها في قوّة المدح له» . ۳
هذا و أنت خبير بأنّه ممّا في محلّه ؛ فتأمّل .

1.الرواشح السماوية : ۱۲۹ ؛ فتح الباري ۱۰ : ۴۵ ؛ مقدمة ابن الصلاح : ۵۷ .

2.مقدمة ابن الصلاح : ۴۸ ـ ۴۹ .

3.الرواشح السماويّة : ۱۷۱ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
100

قال أحدهم : قرأت على فلان عن فلان ، فمراده أنّه رواه عنه بالإجازة .» ۱
و قال بعض أجلّة من فضلائنا بعد نقل هذا الكلام عنه : «و أمّا عندنا و في أعصارنا و في استعمالات أصحابنا ، فأكثر ما يراد بالعنعنة الاتّصال.
هذا ، و أنت خبير بما فيه من الركاكة ؛ فتأمّل.
ثمّ اعلم أنّه إذا قيل : فلان عن رجل أو عن بعض أصحابه أو عمّن سمّاه عن فلان ، فبعض الأُصوليّين سمّاه مرسلاً ، و استمرّ عليه ديدن الشيخ في الاستبصار أكثريّااُنظر الاستبصار ۱ : ۷ و ۱۱ و ۴۰ و ... و في التهذيب تارات، ۲ و ليس في حيّز الاستقامة.
و قال الحاكم من العامّة : لا يسمّى مرسلاً بل منقطعا. ۳ و هذا أيضا خارج عن سبيل الاستواء .
و الصواب عندي أن يصطلح عليه بالإبهام و الاستبهام» . ۴
و منها : المعلّق ، و هو ما حذف من مبدأ إسناده واحد فأكثر ، فهذا مأخوذ من تعليق الجدار و الطلاق ؛ لاشتراكهما في قطع الاتصال ، و استعمله بعضهم في حذف كلّ الإسناد.
و الظاهر أنّهم لم يستعملوا التعليق فيما سقط وسط إسناده أو آخره ؛ لتسميتهما بالمنقطع و المرسل ، و لا في غير صيغة الجزم ، ك «يروي عن فلان كذا» و «يقال عنه» و «يذكر» و «يحكى» و شبهها ، بل خصّوا به صيغة الجزم ك «قال» و «فعل» و «أمر» و «نهى» و «ذكر» و «حكى» و نحو ذلك.
و لايخفى عليك أنّ الشيخ الطوسي رحمه اللهقد أكثر من التعليق في كتابيه فيترك الأقلّ أو

1.مقدمة ابن الصلاح : ۵۴ .

2.اُنظر تهذيب الاحكام ۱ : ۳۵ و ۴۳ و ۱۰۹ و ...

3.معرفة علوم الحديث : ۲۸ .

4.الرواشح السماويّة : ۱۲۸ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7083
صفحه از 640
پرینت  ارسال به