439
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

الإماميّ ، أو أنّه هو الفرد الكامل ، و هذا على المختار ؛ و أمّا على القول بأنّ التوثيق لايجامع فساد العقيدة ، فدلالته ۱ على الإيمان ممّا لامرية فيه.
و (حجّة) ، و حمل المصدر يفصح عن المبالغة . و في إفادتها التعديلَ نظر ؛ لعمومه ۲ بالنسبة إلى الحسن بل القويّ بل الضعيف ـ و لو في الجملة ـ و إلى ما حُفّ بالقرائن .
اللّهمّ إلاّ أن يكون اختصاصه بما مرّ بحسب الاستعمال العرفي ، كما يستفاد من كلام بعض الأجلّة ، و به فرّق بينه و بين «يحتجّ بحديثه» .
و بناءً على ذلك ، فيكون في تلك اللفظة زيادة على الدلالة على العدالة ؛ لاستلزام الحجيّة نفي العيوب الأُخَرِ أيضا ، التي لا دخل لها في فسوق الراوي ، كالإضمار و غيره من العلل الجليلة و الخفيّة ، كما لايخفى .
و من هذا القبيل قولهم : «صحيح الحديث» ، فإنّه يقتضي كونه ثقة ضابطا ، ففيه زيادة تزكية على ما أُفيد .
و هذا إذا أُورد في كلام المتأخّرين . و أمّا إذا أُورد في كلام القدماء ، فمحلّ تأمّل ؛ إذ ليس المناط عندهم في صحّة الحديث على عدالة الراوي ، كما لايخفى.
و ذلك كلّه إذ أُريد بالحديث معناه الاصطلاحي ، أعني به ما يرادف الرواية ، و أمّا لو أُريد معناه اللغوي أعني الكلام ، ففيه نظر ؛ لعدم دلالته حينئذٍ إلاّ على صحّة كلامه ، و هو غير ظاهر في صدقه ، و لو كان ظاهرا فلادلالة فيه على اعتبار روايته ؛ لاحتمال أن يكون صادق القول فاسقا بالجوارح .
نعم ، لايتّجه ما أفدنا إلاّ على اشتراط العدالة في الراوي ، و أمّا على القول بكفاية معلوميّة الصدق في قبول الرواية ، فيدلّ عليه حينئذٍ ألبتّة ، و لكنّه لايدلّ على الصحّة بعدُ ؛ فتأمّل .

1.أي لفظ الثقة .

2.أي لفظ الحجّة .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
438

كما أنّه لو اعتُبر في التعديل العلم و الظنّ بكون الشخص بحيث لو فرض صدور كبيرة عنه بادر إلى التوبة ألبتّة ، كان المناسب تقديمَ المعدِّل ؛ لأنّ غاية الجرح صدور المعصية ، لكنّ المعدِّل يظنّ أو يعلم بصدور التوبة عقيب المعصية على فرض صدورها ، فكان الجارح مستندا في تفسيقه إلى صدور الكبيرة و عدم العلم بالمزيل و هو التوبة ، و المعدِّل و إن لم يشهد بعدم صدور المعصية ، إلاّ أنّه يشهد بالتوبة على فرض صدور المعصية كما أفيد ؛ فتأمّل و تدبّر .
و كيفما كان ، فالمختار أنّه متى اجتمع جرح و تعديل قاطبةً ، و لم يمكن الجمع بحمل الثاني على الظاهر ، و الأوّلِ على نفس الأمر مثلاً ، بني على المرجّح من كثرة العدد و غلبة التورّع و أمثال ذلك .
و بالجملة ، فالأنسب (و الأولى) ، بل اللازم و لو في بعض المَحالّ ، (التعويل على ما يثمر غلبة الظنّ ، كالأكثر عددا و ورعا أو ممارسة) ، كما مرّ آنفا .
الثانية و العشرون : اعلم أنّ الألفاظ المتداولة بين علماء الرجال ـ التي يذكرونها في حال الرواة ـ على ثلاثة أنحاء :
منها : ما هو ظاهر في التعديل .
و منها : ما هو ظاهر في الجرح .
و منها : ما لايدلّ على شيءٍ منهما و إن دلّ بعض منها على مدح في الجملة .
فأمّا (ألفاظ التعديل) و ما ينصّ على عدالة الراوي ، فكقولنا :
(ثقة) ، و الأغلب استعمالها بمعنى العدل ، بل و لايتبادر منها في الفنّ إلاّ ما مرّ ، كما أُفيد و تكريره ۱ للتوكيد .
و هل يدلّ ۲ على عدل الراوي و عدم فساد عقيدته ، أو على الأوّل فقط؟ لعلّه هو الأوجَه ، إلاّ بضميمة قرينة خارجة ، كمعلوميّة أنّ المطلِق إذا أطلق فلايريد غير

1.أي تكرير ثقة بتأويل اللفظ و القول .

2.أي لفظ الثقة .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7128
صفحه از 640
پرینت  ارسال به