389
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

الزنادقة كثيرا ، حتّى يروى أنّهم وضعوا على النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم أربعةَ عشرَ ألفَ حديث. ۱
و قد قال صلى الله عليه و آله وسلم : «قد كثرت عليَّ الكذّابة و ستكثر ، فمن كَذَب عليَّ متعمّدا ، فليتبوّأ مقعدَه من النار» . ۲
و كذا الغلاة و المفوّضة ـ لعنهم اللّه ـ من فرق الشيعة ، كأبي الخطّاب و يونس بن ظَبْيان و أبي سمينة و غيرهم.
و قال الكراميّة و بعض مبتدعة الصوفيّة بجواز وضع الحديث للترغيب و الترهيب ۳ زعما منهم : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ذمّ من كذب عليه و نحن لانكذب إلاّ له ، فلايكون حراما.
و في المحكيّ عن القرطبي في المُفْهم عن بعض أهل الرأي : أنّ ما وافق القياس الجليّ جاز أن يُعزى إلى النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم . ۴
و قد تصدّى جمع لجمع تلك الموضوعات ، و عملوا كتبا و دفاترَ لأجل ذلك ، ك : الدرّ الملتقَط في تبيين الغلط و غيره.

تتميم نفعه عظيم :

إذا وُجِدَ حديث بسند ضعيف ، جاز أن يقال : إنّه ضعيف الإسناد ، لا ضعيف المتن ، و قد يُروى بصحيح أيضا ، و لكن يعلم ضعفه من خارج من القرائن ، كتنصيص واحد من أئمّة الفنّ عليه و غير ذلك .
و لا بأس بالعمل بمضمونه فيما يتعلّق بالسنن و الآداب و المكروهات و المواعظ و النصائح ، ما لم يعلم بلوغه درجة الوضع ، كما مرّ الإيماء إليه فيما مرّ .
و هذا في العمل بالضعيف نفسه من حيث هو هو ، و أمّا بعد تأييده بدليل آخر و

1.وسائل الشيعة ۱ : ۴۵ ـ ۴۶ ؛ الرواشح السماوية : ۱۹۶ ؛ نهاية الدراية : ۲۲ ـ ۲۳ ؛ فيض القدير ۶ :۲۸۰ ؛ الموضوعات ۱ : ۹ و ۳۸ .

2.الاحتجاج ۲ : ۲۴۶ ؛ الصراط المستقيم ۳ : ۱۵۶ ؛ بحار الأنوار ۲ : ۲۲۵ ، ح ۲ .

3.الرواشح السماوية : ۱۹۸ ؛ دراسات في علم الدراية : ۷۶ .

4.كتاب الأربعين للماحوزي : ۳۲۶ ؛ نهاية الدراية : ۳۱۳ ؛ دراسات في علم الدراية : ۷۶ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
388

حدّثنا أحمد بن حنبل و يحيى بن معين قالا : حدّثنا عبدالرزّاق ، قال : حدّثنا معمَر ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : «من قال لا إله إلاّ اللّه يُخلق من كلّ كلمة منها طائر منقاره من ذهب و ريشه مرجان» . ۱
و أخذ في قصةٍ من نحو عشرين ورقة فجعل أحمد ينظر إلى يحيى و يحيى إلى أحمد ، فقال : «أنت حدّثته بهذا؟»
فقال : «و اللّه ما سمعته إلاّ هذه الساعةَ» فسكتا جمعيا ، فأشار يحيى إليه و طلبه ، فجاء متوهّما لنوالهما بخبره فلمّا دنى قال له يحيى : «من حدّثك بهذا؟»
فقال : «أحمد بن حنبل و يحيى بن معين».
فقال : «أنا ابن معين و هذا أحمد بن حنبل ، ما سمعنا بهذا قطّ في حديث رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، فإن كان و لابدّ لك من الكذب فعلى غيرنا»
فقال له : «أنت يحيى بن معين؟»
فقال : «نعم»
قال : «لم أزل أسمع أنّ يحيى بن معين أحمقُ و ما علمته إلاّ هذه الساعةَ»
فقال له يحيى : «و كيف علمت أنّي أحمق؟»
قال : «كأنّه ليسِ في الدنيا يحيى بن معين و أحمد بن حنبل غيركما ، كتبت عن سبعةَ عشرَ أحمدَ بن حنبل غير هذا».
فوضع أحمد كمّه على وجهه ، فقال : «دعه لقوم»
فقال كالمستهزئ بهما ۲ ؛ انتهى.
و أعظمهم فتنة و ضررا من يحتسب ۳ بوضعه ، مع اتّصافه بالزهد و الصلاح ظاهرا .
و وضع عبدالكريم بن أبي العوجاء و بنان الملعون على لسان الصادق عليه السلاممن

1.اُنظروا جامع الاُصول ۱ : ۷۷ .

2.أي من يطلب الأجر بوضعه . راجع اللسان (ح . س . ب).

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7348
صفحه از 640
پرینت  ارسال به