و من هنا يعلم أنّ ما ورد عن غير المعصوم ليس عندنا من الحجّيّة في شيء ؛ لكونهم ـ قاطبةً ـ غيرَ مأمونين من وقوع الخطأ ، فحديثهم من حيث إنّه كذلك لا ينهض حجّةً ألبتّةَ .
و أمّا ما رووه عن المعصومين ، فإن كانوا عدولاً و ثِقاتا ـ و لا سيّما إذا كانوا من الأجلاء الّذين علم من حالهم أنّهم لا يتقوّلون من تلقاء أنفسهم ، و لايتفوّهون بما لا يبلغهم من المعصومين ، كأبي ذرّ و سلمانَ و مقداد و جابر و هشام و حمّاد و أضرابهم ـ كان العمل بمقتضى حديثهم متَّجها إذا لم يعارضه ما هو أقوى منه.
و إن كانوا مجهولين أو فسقةً ـ كالخلفاء المتغلّبين و أبي هريرةَ الكذّاب الوضّاع ـ فيجب ردّ ما تفرّدوا به ألبتّة ، كروايةٍ بَكْريّةٍ موضوعة مختلفة ۱ على ما يخالف نصّ الكتاب ، في حرمان المعصومة المظلومة عن إرث أبيها صلوات اللّه عليه .
و سيأتيك الشرائط المعتبرة في الراوي ـ إن شاء اللّه تعالى ـ عن قريب ؛ هذا .
و (كذلك) الذي مرّ حدُّ (الأثر) أيضا ، بلا فرق في البين على قول .
و قيل : إنّه الأعمّ ـ مطلقا ـ من الحديث و الخبر كليهما ، بأيّ معنى أُخذا ، فليُحمل عليهما كلّيّة من غير عكس .
و قيل : الخبر ما يُنقل عن النبيّ صلى الله عليه و آله ، و الأثر ما يُحكى عن التابعي .
(و الخبر) قد يطلق و يراد به ما يقابل الإنشاء ، و هو ما يحتمل الصدق و الكذب ، و المقصود من احتمالهما هو تطرّقهما منه من حيث هو هو ، مع قطع النظر عن الخارج ، فلا يقدح حينئذٍ تعيين أحد الاحتمالين نظرا إليه، كما في قول القائل : السماء فوقنا أو تحتنا .
و المعيار في ذلك ، التطرُّق حين التجرّد ، فلو فرض مسجون لم ينظر السماءَ قطّ ، فيتطرّق كلاهما عنده ألبتّة ، كما قد تفطّن به شيخنا العلاّمة في الفصول الغرويّة .الفصوص الغرويّة في الأُصول الفقهيّة ۲ : ۲۳ .