359
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

و من هنا يعلم أنّ ما ورد عن غير المعصوم ليس عندنا من الحجّيّة في شيء ؛ لكونهم ـ قاطبةً ـ غيرَ مأمونين من وقوع الخطأ ، فحديثهم من حيث إنّه كذلك لا ينهض حجّةً ألبتّةَ .
و أمّا ما رووه عن المعصومين ، فإن كانوا عدولاً و ثِقاتا ـ و لا سيّما إذا كانوا من الأجلاء الّذين علم من حالهم أنّهم لا يتقوّلون من تلقاء أنفسهم ، و لايتفوّهون بما لا يبلغهم من المعصومين ، كأبي ذرّ و سلمانَ و مقداد و جابر و هشام و حمّاد و أضرابهم ـ كان العمل بمقتضى حديثهم متَّجها إذا لم يعارضه ما هو أقوى منه.
و إن كانوا مجهولين أو فسقةً ـ كالخلفاء المتغلّبين و أبي هريرةَ الكذّاب الوضّاع ـ فيجب ردّ ما تفرّدوا به ألبتّة ، كروايةٍ بَكْريّةٍ موضوعة مختلفة ۱ على ما يخالف نصّ الكتاب ، في حرمان المعصومة المظلومة عن إرث أبيها صلوات اللّه عليه .
و سيأتيك الشرائط المعتبرة في الراوي ـ إن شاء اللّه تعالى ـ عن قريب ؛ هذا .
و (كذلك) الذي مرّ حدُّ (الأثر) أيضا ، بلا فرق في البين على قول .
و قيل : إنّه الأعمّ ـ مطلقا ـ من الحديث و الخبر كليهما ، بأيّ معنى أُخذا ، فليُحمل عليهما كلّيّة من غير عكس .
و قيل : الخبر ما يُنقل عن النبيّ صلى الله عليه و آله ، و الأثر ما يُحكى عن التابعي .
(و الخبر) قد يطلق و يراد به ما يقابل الإنشاء ، و هو ما يحتمل الصدق و الكذب ، و المقصود من احتمالهما هو تطرّقهما منه من حيث هو هو ، مع قطع النظر عن الخارج ، فلا يقدح حينئذٍ تعيين أحد الاحتمالين نظرا إليه، كما في قول القائل : السماء فوقنا أو تحتنا .
و المعيار في ذلك ، التطرُّق حين التجرّد ، فلو فرض مسجون لم ينظر السماءَ قطّ ، فيتطرّق كلاهما عنده ألبتّة ، كما قد تفطّن به شيخنا العلاّمة في الفصول الغرويّة .الفصوص الغرويّة في الأُصول الفقهيّة ۲ : ۲۳ .

1.إشارة إلى الحديث المرويّ عن أبي بكر : «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ، ما تركناه فهو صدقة» فيض القدير شرح الجامع الكبير ۲ : ۱۶۶ ، ح ۱۵۰۳ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
358

أعني به حضرة ذي الرئاستين ، جناب النوّاب العلاّمة ، المدعوّ بالسيّد مهدي حسين ، المعروفِ بآغا أبو ۱ صاحب ـ أدام اللّه إقباله ، و ضاعف إجلاله ـ ابنِ المعلّم العلاّم ، و الحبر الفهّام ، مروّجِ شريعة جدّه سيّد المرسلين ، ملجأ الفقهاء و المتكلّمين ، معين العلماء الأعلام ، مغيث الأرامل و الأيتام ، صفوة الفضلاء الأخيار ، عمدة العلماء الأبرار ، حضرة النوّاب آ ميرزا عاليجاه الموسوي طاب ثراه ، و جعل الجنّة مثواه ؛ (و على اللّه أتوكّل و به أستعين) ، و هو خير موفّق و معين.
(و هي مرتّبة على مقدّمة و فصول ستّة و خاتمة .)
أمّا (المقدّمة :)
ففيما يوجب البصيرة لطالب هذا الفنّ .
و أمّا الكلام في أنّها هل هي بكسر الدال أو فتحها؟ و ما يَطَأُ عَقِبَه ، فليس من وظائف الفنّ في شيء ، فلذا أعرضنا عنه صفحا ، و طوينا دونه كشحا .
و إذا تمهّد لك ذلك ، فاعلم أنّ (علم الدراية) للحديث ، (علم) شريف ، و فنّ لطيف ، لا مَحيص في الرواية عنه ، و لا مَحيد في الفتوى منه ؛ لما (يُبحث عن سند الحديث و متنه و كيفيّة تحمّله و آداب نقله فيه) ؛ و حينئذٍ فلا ريب في الاحتياج إليه بلا تمويه.
(والحديث : كلام) يُتكلّم به أصلاً . و أمّا اصطلاحا ، فهو : ما (يَحكي قولَ المعصوم) خاصّةً ـ نبيّا كان ، أو إماما من الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام ، أو فاطمةَ عليهاالسلام ـ (أو فعلَه ، أو تقريرَه).
و إذا عرفت تخصيصه بالمعصوم آنفا ، (فإطلاقه عندنا) ـ معاشرَ الشيعة ـ (على ما ورد عن غير المعصوم) ـ صحابيّا كان ، أو تابعيّا ، أو من تابعي التابعين ـ (تجوّزٌ) و توسّع ، وفاقا للمحقّق المقنّن لقوانين الأُصول ۲ و المصنّف العلاّمةالحبل المتين : ۴ . و غيرهما من جمهور علماء الإماميّة . ۳

1.لاشتهاره بالكنية صار اسما له ، فلا يتغيّر .

2.قوانين الأُصول ۱ : ۳۹۳ .

3.فقه الرضا : ۲۰ ؛ شرح أُصول الكافي ۲ : ۲۶ ؛ دراسات في علم الدراية : ۱۱ ؛ قوانين الاُصول : ۴۰۹ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7249
صفحه از 640
پرینت  ارسال به