315
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

المشهود له، أو عندهما، أو المعتبر عدالة المعدَّل وفسق المجروح؛ بحسب اعتقاده ورأيه ـ لو كان مجتهدا ـ أو رأي مجتهده ـ لو كان مقلّدا ـ ؟
فإن كان المناط الأوّل؛ فلا حاجة لذكر السبب مطلقا .
وإن كان الثانى؛ فلابدّ من ذكره مطلقا ـ إلاّ إذا علم الموافقة ـ سواء طابق اعتقاد الشاهد ورأيه أم لا .
نعم، في الفرض الأخير يخرج من العدالة لو كان المعتبر عنده في الجرح والتعديل هو رأيه ومذهبه .
و إن كان المناط عدالة المعدّل وجرح المجروح بحسب رأيه واعتقاده، أو رأي مجتهده؛ فالوجه القول الثاني ـ وهو عدم الحاجة إلى التفصيل، مع كون المعدِّل والجارح ذا بصيرةٍ بأسباب الجرح والتعديل ـ .
بل الأصل والتحقيق يقتضي ذلك، وعمل العلماء وسيرة الفقهاء خلفا عن سلفٍ وجيلاً بعد جيلٍ؛ على ذلك.
نعم، لو لم تكن مخالفة رأي المجتهد من المعاصي الكبيرة المفيدة للجرح؛ فلا وجه لجرحه، بل يصير الجارح بذلك مجروحا وفاسقا؛ لتفسيقه المؤمن من غير وجهٍ، وإن كان مثل ذلك ـ عنده ـ من المعاصي الكبيرة، أو عند مجتهده، أو عند المشهود له .
وبالجملة: المناط في التفسيق والتعديل ملاحظة الذي كان رأيه مخالفا للآخَر في الواجب والمستحبّ والإباحة والحرمة .
اللّهمّ إلاّ أن يقال: عدم جواز تخطئة حكمٍ تكليفيٍّ لا ملازمة بينه وبين الحكم الوضعيّ الذي هو محلّ النزاع، فإنّ النزاع ـ فيما نحن فيه ـ [ في] جواز الاعتماد على الشهادة المطلقة أم لا، مع أنّ الأصل يقتضي العدم، فالأَوْلى التمسّك بعمل الطائفة، والسيرة المستمرة القريبة من الإجماع، لو لم نَقُل بأنّه في أمثال زماننا إجماعٌ .

الباب السابع: في علاج التعارض بين أسباب المدح والذمّ

اعلم أنّ التعارض على أقسامٍ :


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
314

وفي حكمها [ قولهم:] «ليس بذلك» و «رواية الضعفاء» ۱ وقولهم: «مختلِط» و «مُخلِّطٌ» ونحو ذلك ممّا يقتضي عدم الاعتناء بالرواية، ولم يكن طعنا في نفس الراوي .

الباب السادس: في بيان أنّه هل يُشترط ذكر السبب في الجرح والتعديل

مطلقا ـ كما قيل ـ تمسّكا بالاختلاف في أسبابهما الموجب للزوم بيانهما ـ كما قيل ـ أم لا؛ تمسّكا بعدم الحاجة إليه مع البصيرة ـ كما قيل به أيضا ـ وعدم الاعتبار بدونها، بل الشهادة بدونها فسق، أو لزومه في الأوّل دون الثاني، أو العكس؛ تمسّكا بكفاية مطلق الجرح في إبطال الرواية؛ لكونه موافقا للأصل، دون التعديل؛ لكونه مخالفا للأصل ، مضافا إلى تسارع الناس إلى الحمل على الصحّة.
وقيل بالأوّل مع عدم العلم بالموافقة للمشهود له، وبالثاني مع العلم بها .
وقيل بالتفصيل الأخير، مع التفصيل بين المشافهة وغيرها، فقيل بالتفصيل المتقدّم لو كانا مشافهةً.
أمّا إذا كانا بالكتابة ونحوها فلاحاجة إلى ذكر السبب، إلاّ مع بيان اصطلاحه في العدالة [ وكونه] أدناها ۲ فلابدّ من ذكره في التعديل دون الجرح، أو أعلاها فبالعكس، أو مع العلم بالمخالفة في الجملة، أو إعلامه بها كذلك ـ وكون مذهب المشهود له حُسن الظاهر ـ فلابُدّ مطلقا، أو أعلى المراتب [ في العدالة] فلابدّ في التعديل دون الجرح، أو أدناها فبالعكس، فإنّ الإطلاق في غير هذه الصُّوَر محمولٌ على الفرد الكامل، وهو المعتبر؛ حذرا من لزوم التدليس، ولهذا صار الإطلاق دَيْدَن العلماء، فتحصل المظنّة الكافية .
مضافا إلى أنّ اشتراط ذكر السبب يوجب الاختلال في تصحيح الأخبار، المستلزم تعطيلَ الأحكام .
والتحقيق أن يقال: إنّ المعتبر [ في] الفسق والعدالة هل [ هما] عند الشاهد، أو

1.كذا، ولعلّ الصواب: كثرة روايته عن الضعفاء، اُنظر: مقباس الهداية : ۸۱ ـ الطبعة الحجريّة .

2.أي: كون اصطلاحه ورأيه أدنى المراتب في العدالة، اُنظر: لبّ اللباب : ۴۷۹ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7159
صفحه از 640
پرینت  ارسال به