وثالثا: [ أنّ] أكثره من باب فرع الفرع، بل فرع فرع الفرع .
ورابعا: لو سُلّم الإمكان؛ فلا دليل على اعتبار [ الشهادة] على سبيل الكلّيّة الشاملة للمقام، إذ لا عموم من الكتاب والسُنّة .
وخامسا: لو سلّمنا تحقّق هذه الفروض بالفرضيّة المسلَّمة التقديريّة؛ فإنّها لاتُسمن ولاتغني من جوعٍ موضوعا ولا محمولاً؛ بلا إشكالٍ، لكفاية الظنّ الاجتهاديّ ـ كما لايخفى ـ .
وبما ذكرنا ظهر لك وجه جواز العمل بالظنّ في تعيين الرواة، بل الحاجة [ فيه] أشدّ؛ إذ كثيرا مّا يحتاج إلى القرائن الرجاليّة صاحبُ المشتركات العامل بالظنّ الذي لا يعرف حاله إلاّ بالظنّ .
وظهر أيضا وجه عدم الاكتفاء بمجرّد قول المشايخ: «إنّ الأخبار صحاح» فإنّ الفسق في الجملة يوجب التزلزل الذي لايرتفع إلاّ بعد التصحيح ونحوه، كالعمل بالعامّ قبل الفحص [ عن المخصِّص] .
الباب الخامس: في ألفاظ المدح والقَدْح
اعلم أنّ ألفاظ المدح على قسمين:
الأوّل: ما يدلّ على حُسن الرواية مطابقةً، وحُسن الراوي التزاما، كقولهم: «صحيح الحديث» .
الثاني: ما هو العكس، سواء كان دالاًّ على الكيفيّة النفسانيّة بنفسه، كقولهم: «ثقة في الحديث» أو بواسطةٍ كقولهم: «شيخ الإجازة» على قولٍ قويٍّ .
وكلٌّ منهما على قسمين:
الأوّل: ما يدلّ على المدح البالغ إلى حدّ الوثاقة .
والثاني : ما يدلّ على المدح غير البالغ، سواء كان بالغا إلى حدٍّ يوجب الأطمئنان المعتمد؛ بدلالته على حُسن حال الراوي، كقولهم : «خَيِّر» أولا، كقولهم: «فاضل» .