305
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

وثالثا: [ أنّ] أكثره من باب فرع الفرع، بل فرع فرع الفرع .
ورابعا: لو سُلّم الإمكان؛ فلا دليل على اعتبار [ الشهادة] على سبيل الكلّيّة الشاملة للمقام، إذ لا عموم من الكتاب والسُنّة .
وخامسا: لو سلّمنا تحقّق هذه الفروض بالفرضيّة المسلَّمة التقديريّة؛ فإنّها لاتُسمن ولاتغني من جوعٍ موضوعا ولا محمولاً؛ بلا إشكالٍ، لكفاية الظنّ الاجتهاديّ ـ كما لايخفى ـ .
وبما ذكرنا ظهر لك وجه جواز العمل بالظنّ في تعيين الرواة، بل الحاجة [ فيه] أشدّ؛ إذ كثيرا مّا يحتاج إلى القرائن الرجاليّة صاحبُ المشتركات العامل بالظنّ الذي لا يعرف حاله إلاّ بالظنّ .
وظهر أيضا وجه عدم الاكتفاء بمجرّد قول المشايخ: «إنّ الأخبار صحاح» فإنّ الفسق في الجملة يوجب التزلزل الذي لايرتفع إلاّ بعد التصحيح ونحوه، كالعمل بالعامّ قبل الفحص [ عن المخصِّص] .

الباب الخامس: في ألفاظ المدح والقَدْح

اعلم أنّ ألفاظ المدح على قسمين:
الأوّل: ما يدلّ على حُسن الرواية مطابقةً، وحُسن الراوي التزاما، كقولهم: «صحيح الحديث» .
الثاني: ما هو العكس، سواء كان دالاًّ على الكيفيّة النفسانيّة بنفسه، كقولهم: «ثقة في الحديث» أو بواسطةٍ كقولهم: «شيخ الإجازة» على قولٍ قويٍّ .
وكلٌّ منهما على قسمين:
الأوّل: ما يدلّ على المدح البالغ إلى حدّ الوثاقة .
والثاني : ما يدلّ على المدح غير البالغ، سواء كان بالغا إلى حدٍّ يوجب الأطمئنان المعتمد؛ بدلالته على حُسن حال الراوي، كقولهم : «خَيِّر» أولا، كقولهم: «فاضل» .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
304

الثلاث ـ ممّا لا ريب فيه .
نعم، لو كان العمل بها من باب التعبّد بالخبر من حيث إنّه خبر؛ فإنّه يُشكل الاعتماد والعمل في بعضها سيّما نحو الكتابة والوِجادة، وتحقيق الكلام في المقام في علم الاُصول .

الباب الرابع: في بيان أنّ الجرح والتعديل ونحوهما هل من باب الشهادة، أو النبأ والرواية، أو الظنون الاجتهاديّة؟

اعلم أنّ العلماء اختلفوا في هذه المسألة على أقوال :
[ فـ] قيل: إنّ التزكية من باب الشهادة، ومن المواضع التي لابدّ فيها [ من ]تحصيل العلم أو حصول ما يقوم مقامه، وعدم جواز العمل بالظنّ إلاّ عند انسداد باب العلم بكلا قسمَيْه من الوجدانيّ والشرعيّ ـ غالبا ـ وإنّ بابه مفتوح هنا، لعدم تسليم الدلالة الظنّيّة أوّلاً، وعلى فرض تسليمها لانسلّم تماميتها حتّى هنا أعني في الموضوعات، فلابدّ من العلم أو ما يقوم مقامه، وهو الشهادة .
وقيل: إنّها من باب الرواية، لدلالة الأخبار والآيات على اعتبار جواز العمل بالخبر من حيث إنّه خبر .
مضافا إلى كفاية العمل بخبر الواحد في أصل الرواية، فلا يزيد فرعه ـ وهو التعديل والتزكية ـ عليه .
وقيل: إنّها من باب الظنون، لعدم إمكان الشهادة، كما ذكرنا ـ في مقام تصحيح الغير ـ من أنّها إخبارٌ جازم في حقٍّ لازم فيما يكون لفظا .
وهذا غير ممكن التحقّق بالنسبة إلى الرواة؛ لاقتضائه ـ أوّلاً ـ إدراك الشاهد لهم، وهذا غير واقعٍ بالنسبة إلى مَن كان سابقا في أزمنةٍ كثيرة .
وثانيا: ما كُتب في [ كتب] الرجال ليس من باب الشهادة، لأنّه نقشٌ، والشهادة لابُدَّ أن تكون من باب اللفظ.

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7266
صفحه از 640
پرینت  ارسال به