301
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

والحاصل : [ أنّ] القراءة على قسمين:
الأوّل: أن يكون بعد القراءة عليه معترفا ومقرّا بإقراره .
والثاني: أن يكون ساكتا عنه .
ولا شكّ أنّ الأوّل أولى من الثاني؛ على فرض حجّيّة الثاني السكوتيّ واعتباره .
واختلفوا فيه، [ فـ] قيل: مع التوجّه إليه وعدم المنع يدلّ على الرضا والاعتراف به، وزاد بعضٌ: عدمَ ظهور المانع من الردّ ، وهو جيّدٌ .
ويكفي لصحّة الرواية انضمام القرائن إلى الرضا .
وفيه: أنّ جواز الرواية حينئذٍ مطلقا لايخلو عن نظر، بل لابُدَّ من ذكره، وبيان حقيقة الحال؛ خروجا عن التدليس .
الثالث: الإجازة، وهي ـ في العرف ـ : إخبارٌ مجملٌ بشيءٍ معلومٍ مأمونٍ عليه من الغلط والتصحيف .
وفائدة الإجازة في الرواية مجرّد اتّصال السند للتيمّن والتبرّك .
ومع تحقّق شروطها؛ فالعبارة عنها من المجيز: «أجزتُ لك كلَّ ما صحّ ـ أو يصحّ ـ عندك من مسموعاتي» ونحو ذلك .
وعند إرادة التحديث بها من المُجاز: «أخبرني فلانٌ ـ أو حدّثني ـ إجازةً» .
وفي جواز إجازة المُجاز للغير وعدمه قولان، والجواز قريبٌ، كما ترى في الدَّأْب كثيرا، وعبارتها ـ حينئذٍ ـ : «أجزتُ لك ما اُجيزلي روايته» ونحوه ممّا يؤدّي مؤدّاه .
وهي على أقسامٍ خمسة :
أحدها: [ ما] كانت لمعيَّنٍ بمعيَّنٍ ـ وهي أعلاها ـ كقوله: «أجزتُكَ التهذيب» مثلاً، أو «أجزتك هذه النسخة» وهي أعلى من الأوّل؛ للإشارة .
[ و] ثانيها: [ إجازة] معيَّنٍ بغير معيَّنٍ، كأن يقول «أجزتُ لك مسموعاتي» فلابُدّ للمُجاز من اقتصاره ـ عند روايته ـ على ما ثبت من مسموعاته .
وثالثها: إجازة غير معيَّنٍ بمعيَّنٍ، كقوله: «أجزتُ التهذيب لكلّ الطلبة» أو «أجزته


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
300

فإن قلت: احتمال الغلط والتحريف والتصحيف بالإضافة إلى النُّسخ يأبى ما اخترتم، كيف وكثرة نحو هذه الدلالات غير عزيزةٍ جدّا .
قلت: الاحتمال المزبور ـ لو سُلِّم ـ لا ربطَ له بالمقام، بل هو شيءٌ آخر، والمناط ملاحظة حالَتي القراءة والإملاء من حيث هما، مع قطع النظر عن الأمور الخارجة عنهما .
وأمّا الدليل على أنّ كون السماع أعلى مراتب التحمّل بينهم حتّى القراءة على الشيخ ـ كما هو المشهور ـ [ فـ] إنّه جاءت الرواية عن الصادق عليه السلام في الخبر الصحيح عن ابن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد و محمّد بن الحسين، عن ابن محبوبٍ، عن عبد اللّه بن سنان حيث سأله: يجيئني القوم فيستمعون منّي حديثكم فأضجر ولا أقوى ، قال: فاقرأ عليهم من أوّله حديثا، ومن وسطه حديثا، ومن آخره حديثا . ۱
والأمر بها دون غيرها يقتضي علوّ المرتبة كما لايخفى .
والثاني : القراءة على الشيخ التي عليها المدار في هذه الأعصار، ويقال لها: «العَرْض على الشيخ» وفي كونها كالسَّماع أو أعلى منه أو أدنى؛ خلافٌ، أشهره الثالث، ووجهه ما مرّ آنفا .
وبالجملة، فهي قد تكون بقراءة المتحمِّل عند الشيخ، وقد تكون بقراءة غيره وسماعه .
وعلى التقديرين: قد تكون مع كون الأصل المصحَّح بيد الشيخ، أو بيد ثقة؛ وقد تكون [ مع ]التفات الشيخ إلى ما في حفظه، فيقول: «قرأتُ عليه وأقرَّ به» أو إحدى العبارات المذكورة مقيَّدةً بـ «قراءةً عليه» أو «قُرِئَ عليه ـ وأنا أسمع ـ فأقرّبه» مثل «قرأتُ على فلانٍ واعترف» أو «حدّثني» أو «أخبرني فلانٌ» ونحوهما، مثل «حدّثني فلانٌ قراءةً عليه» أو أحدها مقيَّدةً .

1.الكافي ۱ : ۵۱ ـ ۵۲ ، ح ۵ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7250
صفحه از 640
پرینت  ارسال به