287
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

وفيه ما لايخفى، فإنّ الاحتمال إنّما هو بالنسبة إلى الخبر مع قطع النظر عن المخبِر والمخبَر عنه.
وأما باعتبار المخبر والمخبر عنه، والمتن، والسند، وقلّة الرواية والكثرة، وبلوغه حدّ الاشتهار عملاً وروايةً، واحتفافه بالقرينة القطعيّة أو الظنّيّة، وقوّة الدلالة وعدمها، وسائر الملاحظات ممّا يتفاوت حكمه؛ فسيجيئ في الباب الثاني من الأقسام العديدة للخبر بواسطة تلك الملاحظات .
وأمّا كلامنا في الباب الأوّل؛ فإنّما هو بالنظر إلى نفس الخبر من حيث الخبريّة لا غيرها، ولا شكّ أنّ الخبرين المذكورَيْن ـ مع قطع النظر عن المخبِر ـ كالخبر السابق ممّا يحتمل في نفسه الصدقَ ـ و إن كان المخبِر هو الثاني، أي الكذّاب ـ والكذبَ ـ وإن كان المخبِر هو الأوّل، أي اللّه تعالى ورسوله صلى الله عليه و آله وسلم ـ .
الثاني: ما يقابل الإنشاء، وعرّفوا ذلك بما كان لنسبته خارجٌ، تطابقه أم لا .
والمراد بالخارج هو الخارج عن مدلول اللفظ ـ وإن كان في الذهن ـ ليشمل نحو «علمت» .
وعرّفه بعضهم: بأنّه عبارة عن كلامٍ يكون لنسبته خارجٌ في أحد الأزمنة الثلاثة .
فالإنشاء خارج بقيد «الخارج» لأنّه لا خارجَ لنسبته، بل لفظه سببٌ لوجود نسبةٍ غير مسبوقةٍ بنسبةٍ حاصلةٍ في الواقع عند المتكلّم من غير اعتبار وقوعها، فعلى هذا يخرج منه خبر الكاذب، لعدم وجود نسبةٍ له في الخارج .
والثالث: يطلق الخبر على ما يرادف الحديث، فعليه: أنّه عبارة عن كلامٍ يحكي قولَ المعصوم عليه السلام أو فعلَه أو تقريرَه ، غير العاديّات .
وأمّا نفس قوله عليه السلام أو نفس فعله، أو نفس تقريره؛ فهو داخل في السُنّة، كحكاية الحديث القدسيّ فإنّها داخلة فيها، وإن كانت حكاية هذه الحكاية داخلة في الحديث .
فحينئذٍ نقول: إنّ السُنّة في الاصطلاح عبارة عن نفس القول أو الفعل أو التقرير من المعصوم عليه السلام .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
286

علم الرجال يكون أقوى من الظنّ الحاصل من تصحيح الغير بمحض الادّعاء، وإن كان المصحِّح ممّن يعتمد على قوله.
نعم، لو حصل من الإجماع القطع بالوثاقة والعدالة فله وجه، وإلاّ فلا وجه لتقديمه على الظنون الرجاليّة على الإطلاق .
وبالجملة: إنّ الظنّ بالصحّة ـ الحاصل بعد الفحص عن المعارض ـ يتحقّق بشرط صحّة الاعتماد و الحجّيّة على ذلك الظنّ الذي لايتحقّق إلاّ بعد الرجوع إلى الكتب الرجاليّة [ فـ] كيف يحصل الظنّ بتصحيح الغير له حتّى يستلزم المعارضة و الترجيح من تقديم النوعيّ على الشخصيّ ، بل ذِكْر ذلك محض تصويرٍ ولا [ يتّفق] في الخارج لشخصٍ واحدٍ، فلهذا قال بعض المحقّقين ۱ : اتّضح ممّا أسّسنا بنيانه، وشيّدنا أركانه، وأورقْنا أغصانه، من نفائس الأفكار، وعرائس الأبكار أنّ الطريق الحقّ ـ الّذي هو طريق المحقّقين، وسبيل المحتاطين ـ عدم العمل بمجرّد تصحيح الأصوليّين، وملاحظة كتب الرجاليّين .
فلنُرْجِع عِنانَ الخطاب إلى بيان الأبواب، فنقول بعون اللّه الملك الوهّاب:

الباب الأوّل: في تعريف الخبر

اعلم أنّ «الخبر» في اللغة : الإعلام، و «الحديث» في اللغة : الحكاية، و«السُنّة» لغةً : الطريقة .
وأمّا في الاصطلاح؛ فالخبر له إطلاقات :
الأوّل: ـ وهو اصطلاح المنطقيّين ـ هو ما يحتمل الصدق والكذب، وقد يقال ۲ : التصديق والتكذيب؛ حتّى يشمل أخبارَ اللّه تعالى ورسلِه وأُمناءِ اللّه وأوصيائِه ممّا لايحتمل الكذب، وهو ظاهرٌ لا لُبْس فيه، وقول القائل: «مُسَيْلَمة رسول اللّه » فإنّ الأوّل لايحتمل الكذب، والثاني بالعكس .

1.هو المولى محمّد جعفر الأسترآبادي في كتابه لُبّ اللباب : ۴۴۸ ـ ميراث حديث شيعه ـ الدفتر الثاني .

2.اُنظر: الفصول الغرويّة : ۲۶۳ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7269
صفحه از 640
پرینت  ارسال به