علم الرجال يكون أقوى من الظنّ الحاصل من تصحيح الغير بمحض الادّعاء، وإن كان المصحِّح ممّن يعتمد على قوله.
نعم، لو حصل من الإجماع القطع بالوثاقة والعدالة فله وجه، وإلاّ فلا وجه لتقديمه على الظنون الرجاليّة على الإطلاق .
وبالجملة: إنّ الظنّ بالصحّة ـ الحاصل بعد الفحص عن المعارض ـ يتحقّق بشرط صحّة الاعتماد و الحجّيّة على ذلك الظنّ الذي لايتحقّق إلاّ بعد الرجوع إلى الكتب الرجاليّة [ فـ] كيف يحصل الظنّ بتصحيح الغير له حتّى يستلزم المعارضة و الترجيح من تقديم النوعيّ على الشخصيّ ، بل ذِكْر ذلك محض تصويرٍ ولا [ يتّفق] في الخارج لشخصٍ واحدٍ، فلهذا قال بعض المحقّقين ۱ : اتّضح ممّا أسّسنا بنيانه، وشيّدنا أركانه، وأورقْنا أغصانه، من نفائس الأفكار، وعرائس الأبكار أنّ الطريق الحقّ ـ الّذي هو طريق المحقّقين، وسبيل المحتاطين ـ عدم العمل بمجرّد تصحيح الأصوليّين، وملاحظة كتب الرجاليّين .
فلنُرْجِع عِنانَ الخطاب إلى بيان الأبواب، فنقول بعون اللّه الملك الوهّاب:
الباب الأوّل: في تعريف الخبر
اعلم أنّ «الخبر» في اللغة : الإعلام، و «الحديث» في اللغة : الحكاية، و«السُنّة» لغةً : الطريقة .
وأمّا في الاصطلاح؛ فالخبر له إطلاقات :
الأوّل: ـ وهو اصطلاح المنطقيّين ـ هو ما يحتمل الصدق والكذب، وقد يقال ۲ : التصديق والتكذيب؛ حتّى يشمل أخبارَ اللّه تعالى ورسلِه وأُمناءِ اللّه وأوصيائِه ممّا لايحتمل الكذب، وهو ظاهرٌ لا لُبْس فيه، وقول القائل: «مُسَيْلَمة رسول اللّه » فإنّ الأوّل لايحتمل الكذب، والثاني بالعكس .