عليه ـ ولو كان بسبب اقترانه بما يوجب الوثوق به، والرُّكون إليه ـ .
فالحديث المعتبَر والمعتمَد عليه ـ أي الذي عليه المعوَّل وإليه المرجع ـ عبارةٌ عمّا يكون صحيحا عندهم، وهو ظاهر قولهم في أصحاب الإجماع، على ما نقله أبو عمرو الكشّيّ ـ من أئمّة الرجال ـ في مَن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم، كما عن شيخنا البهائيّ ـ رحمه اللّه ـ في مشرق الشمسين ۱ : كان المتعارَف بين قدمائنا إطلاق الصحيح على كلّ حديثٍ اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه، أو اقترن بما يوجب الوثوق به، والركون إليه ـ كما هو ظاهر ما ذكره الصدوق في أوّل ديباجة الفقيه حيث فسّر قوله: «وأحكم بصحّته، وأعتقد فيه [ أنّه حجّةٌ بيني وبين ربّي]» بما عليه المعوَّل وإليه المرجع، مثل كتاب حَريز بن عبد اللّه ... إلى آخره .
وهو ظاهرٌ لا لُبس فيه، فأين دعواه قطعيّة صدور ما قصد إيراده فيه؟ وأين شهادته على القطع بالصدور؟ ـ على ما عرفت غير مرّة ـ .
فعلى فرض حمل قول الصدوق على خلاف ما هو الظاهر ـ أعني الشهادة ـ لايحصل من شهادته هذه القطع بصدور تلك الأخبار عن المعصوم عليه السلام .
مع أنّ الصحيح في اصطلاحهم ليس بمعنى القطعيّ الصدور عنهم عليهم السلاملِما عرفت أنّ الظاهر من عباراتهم هو ما ذكره شيخنا البهائيّ ـ رحمه اللّه ـ من أنّ المتعارَف بين القدماء إطلاق الصحيح على كلّ ما يقتضي اعتمادَهم عليه، وهو مستفاد من عبارة الفقيه المذكورة .
والشاهد على ظهور ذلك من كلامه في أوائل كتابه أنّه قال في (باب صوم التطوّع) ۲ في خبر صلاة الغدير ـ كما ذكرناه ـ : إنّ كلّ ما لم يصحّحه شيخنا [ محمّد بن ]الحسن بن الوليد ولم يحكم ذلك الشيخ ـ قدّس اللّه روحه ـ بصحّته من الأخبار؛ فهو عندنا متروك، غير صحيح، انتهى كلامه في الباب .