من كون القوى الثلاث واسطةً للثبوت، ولم يكن الانفكاك مستحيلاً، فتتخلّف الوثاقة وعدمها عن ذات الراوي، ولا ضَيْرفيه .
أمّا الأمر الثالث: ففي بيان الحاجة إلى علم الرجال
وفيه مقامان:
الأوّل: في إثبات الحاجة إليه في الجملة في مقابل مَن ادّعى السّلبَ الكلّيّ، كما ذهب إليه جماعة من الأخباريّين؛ ومنهم مولانا محمّد أمين الأستر آباديّ ـ وهو رئيس المنكرين ـ زعما منه أنّ الأخبار المودَعة في الكتب الأربعة من المحمّدين الثلاثة ـ أعني الكافي و الفقيه و التهذيب و الاستبصار وما تولَّد منها كالوافي و الوسائل و البحار ـ كلَّها قطعيّةُ الصدور؛ على ما صرّح به جماعة من أكابر الأخباريّين كسيّدنا السيّد نعمة اللّه الجزائريّ التُستريّ في مقدّمات المجلَّد الأوّل من مجلَّدات كتاب غاية المرام في شرح كتاب تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة، وشيخنا الحرّ العامليّ في أواخر المجلَّد الأخير من كتاب وسائل الشيعة ۱ والشيخ الأمجد الأوحد الشيخ يوسف البحرانيّ في مقدّمات كتاب الطهارة [ من ]الحدائق ۲ واستدلّوا بالوجوه المفصَّله المرقومة فيها؛ من جانب الفاضل المشكِّك المستدلّ .
منها: أنّ العلم بأحوال الرجال غير محتاجٍ إليه، لأنّ أحاديثنا كلَّها قطعية الصدور عن المعصوم عليه السلام فلا يحتاج إلى ملاحظة سندها، لأنّ أحاديثنا محفوفة بالقرائن الحاليّة المفيدة للقطع بصدورها عن المعصوم عليه السلام.
فمن جملة القرائن أنّه كثيرا مّا نقطع ـ بالقرائن الحاليّة أو المقاليّة ـ بأنّ الراوي كان ثقةً في الرواية، لم يَرْضَ بالافتراء ولا برواية ما لم يكن واضحا عنده ـ وإن كان فاسدَ المذهب، أو فاسقا بجوارحه ـ وهذا النوع من القرنية وافر في أحاديث كتب أصحابنا. ۳