191
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

و هذا كلّه في ما كان من حكاية واحدة أو حديث واحد ، و أمّا إذا اختلفت الأحاديث و الأخبار فلايجوز خلط شيء منها في شيء من غير تميّز ؛ فتأمّل.

الفائدة الخامسة :

اختلف في رواية بعض الحديث لواحد دون بعض ، فمنعه بعضهم مطلقا بناءا على منع الرواية بالمعنى ، و منع بعضهم تجويزها بالمعنى إذا لم يكن رواه هو أو غيره بتمامه قبل هذا ، و جوّزه بعضهم مطلقا.
و الصواب التفصيل و جوازه من العارف إذا كان ما تركه غير متعلّق بما رواه بحيث لايختلّ البيان و لاتختلف الدلالة بتركه ، و سواء جوّزناها بالمعنى أم لا ، رواه قبل تامّا أم لا.
و قد يقال : إنّ هذا إن ارتفعت منزلته عن التهمة ، فأمّا من رواه تامّا فخاف إن رواه ناقصا ثانيا أن يُتّهم بزيادة أوّلاً ، أو نسيانٍ لغفلة و قلّة ضبط ثانيا ، فلايجوز له النقصان ثانيا و لا ابتداءً إن تعيّن عليه أدائه . ۱
هذا ، و أنت خبير بما فيه : فتأمّل.
و أمّا تقطيع المصنِّف الحديث في الأبواب فهو جائز قطعا ، بل ممّا قامت عليه السيرة بين الخاصّة و العامّة . نعم إنّ بعض العامة قد كرهه . ۲ و هو مردود بما أشرنا إليه ، مضافا إلى الأصل و عدم الدليل عليه.
ثمّ اعلم أنّه إذا قدّم المتن كقال النبي صلى الله عليه و آله كذا ، أو قدّم بعض السند كقال أبوذر ، عن سلمان ، عن النبي صلى الله عليه و آله كذا ، ثمّ يقول : أخبرنا به فلان عن فلان حتّى يتّصل صحّ و كان متّصلاً . فلو قدّم سامعه جميع السند على المتن جاز جدّا . و ما عن بعض العامّة ينبغي فيه الخلاف و هو مبني على الرواية بالمعنى ۳ ، ممّا ليس في محلّه.

1.التقريب : ۶۶ .

2.مقدّمة ابن الصلاح : ۱۳۷ .

3.مقدّمة ابن الصلاح : ۱۴۳ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
190

«اللفظ لفلان» احتمل جوازه و احتمل منعه» . ۱
و أنت خبير بأنّ جماعة منهم هكذا ذكروا ، و لكن مقتضى التحقيق هو الجواز.
و قيل : «يحتمل تفصيل آخر و هو النظر إلى الطرق ، فإن كانت متباينة بأحاديث مستقلّة لم يجز ، و إن كان تفاوتهما في ألفاظ و لغات و في اختلاف ضبط جاز» .نقله في تدريب الراوي : ۳۹۹ عن البدر بن جماعة في المنهل الروي .
و أنت خبير بأنّ صورة المباينة خارجة عن محلّ النزاع ، على أنّ عدم جواز ذلك أيضا أوّل الكلام ، فتأمّل.
ثمّ لايخفى عليك أنّه إذا كان في سماعه بعض الوهن فعليه بيانه حال الرواية ، و منه ما إذا أحدثه من حفظه في المذاكرة ، فليقل : «حدّثنا مذاكرة» . و منع جماعة الحمل عنهم حالة المذاكرة ، و هو غير جيّد.
و إذا كان الحديث عن ثقة و مجروح أو ثقتين فالأولى أن يذكرهما لاحتمال انفراد أحدهما بشيء ، فإن اقتصر على ثقة واحد في الصورتين جاز.
ثمّ إذا سمع بعض حديث من شيخه و بعضه من آخر فخلّطه و رواه جُمْلَته عنهما و بيّن أنّ بعضه عن أحدهما و بعضه عن الآخر جاز ، كما فعله الزهري في حديث الإفك ، فإنّه رواه عن ابن المسيّب و عروة و عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة و علقمة بن وقّاص عن عائشة و قال : و كلّ حدّثني طائفة من الحديث قالوا : قالت : عائشة ، و ساق ۲ الحديث إلى آخره.
ثمّ ما من شيء من ذلك الحديث لايحتمل روايته عن كلّ واحد منهما وحده حتّى لو كان أحدهما مجروحا لم يجز الاحتجاج بشيء منه ما لم يبيّن أنّه عن الثقة ، و لايجوز بعد الاختلاط أن يسقط أحد الراويين بل يجب ذكرهما مبيّنا أنّ بعضه عن أحدهما و بعضه عن الآخر.

1.التقريب : ۶۸ .

2.صحيح البخاري ۳ : ۲۲۱ و ۵ : ۲۰ و ۲۱۶ و ۶ : ۵ و ۷ : ۲۲۵ ؛ سنن ابي داود ۲ : ۴۲۱.

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7280
صفحه از 640
پرینت  ارسال به