187
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

تذنيب : فاعلم أنّه قد شدّد قوم في الرواية فأفرطوا و تساهل آخرون ففرّطوا . فمن المشدّدين من قال : لا حجّة إلاّ فيما رواه من حفظه ، و منهم من جوّزها من كتابه إلاّ إذا خرج من يده.
و قال بعض المتساهلين : يجوز من نسخ غير مقابلة بأُصولهم . و الصواب ما عليه الأكثر من أنّه إذا قام في التحمّل و المقابلة بما تقدّم جازت الرواية منه و إن غاب ، إذا كان الغالب سلامته من التغيير ، لاسيّما إن كان ممّن لايخفى عليه التغيير غالبا. ۱
ثمّ إنّه إذا أراد الرواية من نسخة ليس فيها سماعه و لا هي مقابلة به لكن سمعت على شيخه أو فيها سماع شيخه أو كتبت عن شيخه و سكنت نفسه إليها لم تجز الرواية منها عند عامّة المحدّثين من العامّة ، فهذا كما ترى ممّا تدفعه السيرة مضافة إلى أنّه يحصر الأمر على القراءة على الشيخ أو السماع منه ، و قد عرفت أنّ هذا خلاف التحقيق و ما عليه الأكثر.
و قد تنبّه لبعض ما قلنا جمع منهم فقالوا : إنّه متى عرف أنّ هذه الأحاديث هي التي سمعها من الشيخ جاز أن يرويها إذا سكنت نفسه إلى صحّتها و سلامتها . هذا إذا لم تكن إجازة عامّة لمرويّاته أو لهذا الكتاب ، فإن كانت جازت الرواية منها فله أن يقول : «حدّثنا» و «أخبرنا» من غير بيان الإجازة . و الأمر في ذلك قريب يقع مثله في محلّ التسامح ، و لا غنى في كلّ سماع من الإجازة لينفع ما يسقط من الكلمات سهوا أو غيره مرويّا بالإجازة و إن لم يكن لفظها ، فهذا تيسير حسن لمسّ الحاجة إليه في أكثر الأزمنة.
و إن كان في النسخة سماع شيخ شيخه أو كانت مسموعة عليه فيحتاج ذلك إلى أن يكون له إجازة شاملة من شيخه و لشيخه مثلها من شيخه.
ثمّ إنّه إذا وجد في كتابه خلاف حفظه فإن كان حفظ منه رجع إليه، و إن كان حفظ من فم الشيخ اعتمد حفظه إن لم يشكّ ، و حسن أن يجمعها فيقول : «حفظي كذا» و «في

1.التقريب : ۶۴ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
186

من فرقه ما ذكرنا في كتابه ، و لايروي كتابا سمعه من أيّ نسخة اتّفقت.
ثمّ إنّه إذا وجد في كتابة كلمة مهملة و أشكلت عليه جاز أن يعتمد في ضبطها و رواياتها على خبر أهل العلم بها ، فإن كانت فيها لغات أو روايات بيّن الحال و احترز عند الرواية.
تذييلٌ : إعلم أنّ جمّا غفيرا قد صرّحوا بأنّه ينبغي أن يكتب بعد البسملة اسم الشيخ و نسبه و كنيته ثمّ يسوق ما سمعه منه ، و يكتب فوق البسملة إسماع السامعين و تاريخ السماع أو يكتبه في حاشية أوّل ورقة أواخر الكتاب أو حيث لايخفى منه . و ينبغي أن يكون بخطّ ثقة معروف الخطّ و لا بأس عند هذا بأن لايصحّح الشيخ عليه ، و لا بأس أن يكتب سماعه بخطّ نفسه إذا كان ثقة كما فعله الثقات.
و على كاتب السماع التحرّي و بيان السامع و المسمع و المسموع بلفظ غير محتمل ، و مجانبة التساهل فيما يثبته ، و الحذر من إسقاط بعض السامعين لغرض فاسد . و إذا لم يحضر مجلسا فله أن يعتمد في حضورهم خبر الشيخ أو خبر ثقة حضر.
و من ثبت سماع غيره في كتابه فقبيح به كتمانه و منعه نقل سماعه أو نسخ الكتاب ، فإن كان سماعه مثبتا برضى صاحب الكتاب لزمه إعادته و لايبطئ عليه ، و إلاّ فلايلزمه كذلك . هكذا ذكر حذقة الفن و خالف فيه بعضهم . و الصواب هو الأوّل؛ لأنّ ذلك كشهادة تعيّنت له عنده ، فعليه أداؤها كما يلزم متحمّل الشهادة أداؤها و بذل نفسه للمشي إلى مجلس الحكم.
ثمّ إنّه إذا نسخ الكتاب فلاينقل سماعه إلاّ بعد المقابلة المرضيّة بالمسموع ، إلاّ أن يبيّن عند النقل كون النسخة غير مقابلة أو ينبّه على كيفيّة الحال . و إذا قابل كتابة علّم على مواضع وقوفه . و إذا وقع في نسخته خلل فلايتعدّاه حتّى يُصلحه أو ينبّه عليه إن كان كثيرا ، أوضاق المجلس فيصلحه ۱ بعد الفراغ.

1.ليس في الف من «فلا يتعداه ـ فيصلحه» .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7197
صفحه از 640
پرینت  ارسال به