175
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

قال جمع من فضلاء العامّة : إنّه قد خالف في هذا و هو خطأ . للإجماع على قبول رواية الحسن و الحسين عليهماالسلام . و ابن عباس و ابن الزبير و غيرهم ، و لم يزل الناس يُسمعون الصبيان. ۱
ثمّ إنّ جماعة من علماء العامّة قالوا : «يستحبّ أن يبتدئ سماع الحديث بعد ثلاثين سنة ، و قيل : بعد عشرين سنة ، و قال جمع : و الصواب في هذه الأزمان التبكير به من حين يصحّ سماعه و يكتبه و يقيّده حين يتأهّل له ، و يختلف باختلاف الأشخاص.
و نقل القاضي عياض أنّ أهل هذه الصنعة حدّدوا أوّل زمن السماع بخمس سنين . و قال بعضهم : «و على هذا استقرّ العمل ، و الصواب اعتبار التمييز فإن فهم الخطاب و ردّ الجواب كان مميّزا صحيح السماع و إلاّ فلا» . ۲
و قال بعض فضلائهم : «و الذي استقرّ عليه عمل أصحابنا المتأخّرين أن يكتبوا لابن خمس سمع ، و لمن دونه حضر أو أحضر . و لا يتحاشون من كتابه الحضور لمن حضر من الصغار ولو كان ابن يوم أو ابن سنة أو أكثر حتّى يبلغ سنّ السماع» .الباعث الحثيث ۱ : ۲۴۲ .
و قال بعضهم : يعتبر كلّ صغير بحاله ، فمتى كان فهيما للخطاب و ردّ الجواب صحّحنا سماعه ، و إن كان له دون خمس ، و إن لم يكن كذلك لم يصحّ سماعه و إن كان ابن خمس ، و هذا هو الأصحّ . ۳
و قد ذكر بعض المؤرّخين أنّ صبيّا ابن أربع سنين حمل إلى المأمون و قد قرأَ القرآن و نظر في الرأي غير أنّه إذا جاع يبكي . ۴
و أمّا حديث محمود فيدلّ على سنّة لمن هو مثله لا على نفيه عمّن دونه مع جودة

1.مقدمة ابن الصلاح : ۹۶ .

2.التقريب : ۴۶ و ۴۵ بتفاوت يسير .

3.مقدمة ابن الصلاح : ۹۷ .

4.حكي عن إبراهيم بن سعيد الجوهري كما في مقدمة ابن الصلاح : ۹۷ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
174

للعالم الحاذق المتقن ؛ فتأمّل.
ثمّ إنّ العمل بالوجادة قد نقل عن معظم المحدّثين و الفقهاء المالكين أنّه يجوز ، و عن الشافعي و نظّار أصحابه جوازه ، و قطع بعض الشافعيّة بوجوب العمل بها عند حصول الثقة ، و استحسنه جمع قائلين : «هذا هو الصحيح ، بل لا يتّجه في هذه الأزمان غيره» . ۱
هذا ، و أنت خبير بما فيه ؛ لأنّه يمكن أن يقال : إنّ خلوّ علماء هذه الأزمان عن طرق تحمّل الحديث و أدائه غير طريق الوجادة محلّ نظر ، بل لا شكّ في أنّ هذه الدعوى من المجازفات الصرفة و التخمينيّات المحضة.
و كيف لا؟! فإنّ طريق الإجازة من الأُمور السهلة الجارية الموجودة في جميع الأزمنة ، و لا سيّما إذا لوحظ فيها القسم الأعمّ الأشمل الأسهل ، على أنّه فرق واضح بين كون المعتبرة كالكتب الأربعة ـ مثلاً ـ عند الخاصّة ، و الصحاح الستّ ـ مثلاً ـ عند العامّة ، من مصنّفيها و جامعيها من الأُمور القطعيّة الحاصلة بالتسامع و التظافر ، و كذا كون وجوب العمل بها من هذا الوجه و ذلك اللحاظ ، و بين كونها من قبيل الوجادة المصطلحة ، و وجوب العمل بها لأجل حصول الثقة بها.
هذا ، اللّهمّ إلاّ أن يقال : إنّ المراد من حصول الثقة هو ما أشرنا إليه. و مع هذا كلّه نقول : إنّ إطلاق الوجادة على مثل ذلك كما ترى ، اللّهمّ إلاّ أن يبنى الأمر على التسامح : فتأمّل .
ثمّ إنّ جمعا قالوا : إنّ فائدة ذكر الوجادة زيادة القوّة في الخبر ، فإذا وجد حديثا في مسند أحمد ـ مثلاً ـ و هو بخطّه فقوله : «وجدت بخطّ أحمد كذا» أقوى من قوله : «قال أحمد» لأنّ القول ربما يقبل الزيادة و النقص و التغيّر ـ و لا سيّما عند من يجيز النقل بالمعنى ـ و ذلك بخلاف الخطّ.
تذييلٌ : في أهليّة التحمّل
يصحّ التحمّل قبل الإسلام بلا خلاف ، و هكذا قبل البلوغ على الأصحّ الأشهر . و

1.التقريب : ۵۸ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7226
صفحه از 640
پرینت  ارسال به