هذا ، و أنت خبير بأنّ هذا الطرز من هذا البعض خروج منه عمّا كان الكلام فيه أي في القسمة الأوّليّة خبر الآحاد.
ثمّ إنّهم قد اختلفوا في تعريف الحديث الحسن ، و قال الترمذي : يراد بالحسن ما لايكون بإسناده متّهم و لايكون شاذّا ، و يروى من غير وجه نحوه. ۱
و قال الخطّابي في تعريف الحسن : «هو ما عرف مخرجه و اشتهر رجاله ـ قال : ـ و عليه مدار أكثر الحديث» . ۲
و قال بعضهم في تعريفه : «هو الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل و يصلح للعمل به» . ۳
و قال بعض المتأخّرين منهم : إنّه رواية من قلّ ضبطه مع حيازتها بقيّة الشروط المتقدّمة في حدّ الصحيح، ثمّ قال: إنّ هذا هو الحسن لذاته لا لشيء خارج، والحسن لشيء خارج هو الذي يكون حسنه بسبب الاعتضاد نحو الحديث المستور إذا تعدّدت طرقه. ۴
هذا ، و أنت خبير بأنّ هذا كلّه ممّا لايخلو عن ركاكة و مدخوليّة من عدم الاطراد ، أو عدم الانعكاس ، أو استلزامه الدور ، أو المصادرة ، أو نحو ذلك ؛ فتأمّل.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ أكثر علماء العامّة و إن كانوا لايذكرون بعد الصحيح إلاّ الحسن ، و يصرّحون بحصر الأقسام في الثلاثة بالنظر إلى القسمة الأوّليّة إلاّ أنّ جمعا منهم يقولون بتربيع الأقسام ، فالقسم الثالث عندهم هو الحديث الصالح الذي يصلح للاستدلال ، و قد يعبّر عنه بأنّه الحديث الذي في سنده المتّصل مستور ، و هو خالٍ عن علّةٍ قادحةٍ ، و قد يقال : إنّه ما لم يصل إلى درجة الصحّة و جاوز أن يكون ضعيفا بضعف موهن . و كيف كان فإنّ هذا عند أكثر علماء العامّة ملحق بالصحيح و من جملة
1.العلل الصغير (شرح علل الترمذي ۱ : ۳۴۰) .
2.معالم السنن ۱ : ۶ .
3.مقدمة ابن الصلاح : ۳۲ فقد حكاه عن بعض المتأخّرين ، و الظاهر أنّ المراد به أبو الفرج بن الجوزي كما في تدريب الراوي ۱ : ۱۲۵ .
4.نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر : ۶۲ .