143
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

الفائدة الخامسة :

اعلم أنّ عدد أحاديث الكافي لثقة الإسلام الكليني على ما ببالي الآن ستّة عشر ألف حديث و شيء ، و يقرب من ذلك أحاديث تهذيب الشيخ ، و ما في الفقيه سبعة آلاف و شيء ، و ينقص عنه ما في الاستبصار .
و لايخفى عليك ، أنّ ضعاف ما في هذه الكتب على اصطلاح المتأخّرين و إن كانت في غاية الكثرة إلاّ أنّ جملة من القواعد التي أسلفناها في تضاعيف فنّ الأُصول و القواعد الرجاليّة قد وسَّعت الدائرة من وجوه كثيرة.
بل إنّ الأمر قد آل إلى أنّ ما في الكتب الأربعة من جملة الأخبار المعتبرة الكائنة من الصحاح و الحسان و الموثّقات أو في حكمها ـ أي في صحّة الاعتماد و التعويل عليها ـ إلاّ ما ضعّفه مصنّفوها .
بل أنّ من أمعن النظر فيما أسلفنا من الأُصول و القواعد علم أنّ معظم أخبار بحار الأنوار للعلاّمة المجلسي قدس سره و هكذا معظم أخبار كتاب الوسائل للشيخ الأجل الحرّ العاملي قدس سره من الأخبار المعتبرة الواجدة وصف الصحّة أو الموثّقيّة و الحسن أو حكمها ؛ لأنّ كلّ ذلك قد أُخذ من الأُصول المعتمدة و الكتب المعتبرة التي ادّعى الشيخ إجماع الطائفة المحقّة على العمل بها ، و إن كان جمع من الجامعين المؤلّفين لجملة منها على خلاف الحقّ في العقيدة.

الفائدة السادسة :

إعلم أنّ بعض الأجلّة المدقّقين قال ـ بعد ذكر جملة كثيرة من أقسام الحديث ـ : «فهذه أحد و عشرون ضربا من أقسام الحديث الفرعيّة تجري في كلّ من أقسامه الخمسة الأصليّة و هناك ضروب أُخر فرعيّة ، يقال في الأشهر : إنّها لاتصحّ في الصحيح على المعنى المعقود عليه الاصطلاح بالحقيقة ، بل لا تتصحّح إلاّ في الضعيف و لكن بالمعنى الأعمّ لا بالمعنى الحقيقي في المصطلح الذي هو أحد الأقسام


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
142

أغضبها فقد آذاني و اغضبني ، و من آذاني و أغضبني فقد آذى اللّه . ۱
و قد اتّفقوا أيضا على ذكر الحديث الذي أسنده البخاري إلى عروة بن الزبير إلى خالته عائشة أنّها قالت : أتت فاطمة عليهاالسلام بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى أبي بكر فجرت بينهما قضيّة فدك إلى أن قال . أبو بكر : قد صرفت مال فدك في الكراع و السلاح ، قال عائشة : قامت فاطمة غضبانة و هاجرته حتّى ماتت. ۲
فإذا تأمّلت في ذلك و أضفت إليه قوله تعالى في محكم آياته : «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُو لَعَنَهُمُ اللَّهُ ...» ۳ تجد النتيجة حاصلة من الشكل الأوّل من الضرب الأوّل ـ أي ممّا أشرنا إليه ـ و ليت شعري : ما يقولون في ذلك؟!
و من الحديث المتّفق عليه عندهم قول النبيّ صلى الله عليه و آله : «يحشر الناس حفاة عراة عزلا و أوّل من يكسى إبراهيم فيجاء برهط من أمتي تسحبهم الملائكة إلى النار و أقول : ملائكة ربي قفوهم ، أنّهم أصحابي أصحابي ، فيوحي اللّه تعالى إليّ : يا أحمد ، أما تدري ما أحدثوا بعدك فإنّهم قد ارتدّوا و رجعوا عن دينهم القهقرى من بعد أن توفّيت» الحديث. ۴
فقد رووه بأسانيد صحيحة و طرق متظافرة و متون متقاربة متعانقة ، فمن أراد أن يأخذ بمجامع المطالب المهمّة في أمثال ذلك فليراجع إلى كتبنا مثل الفنّ الأعلى من الخزائن.
ثمّ إنّك إن تأمّلت فيما نقلنا عنهم في هذه الفائدة و تذييلها تهتدي إلى أمور أُخرى أيضا ممّا لم نشر إليه.

1.ما نقله مجموع ممّا رُوي في فضلها في أحاديث مختلفة منها ما رواه : فضائل الصحابة : ۷۸ ؛ مسند احمد ۴ : ۵ ؛ صحيح مسلم ۷ : ۱۴۱ ؛ سنن الترمذي ۵ : ۳۶۰ .

2.نقل البخاري قصة فدك و لم يذكر قول أبي بكر هذا في جوابه الفاطمة عليهاالسلام فراجع : صحيح البخاري ۵ : ۲۵ و ۸ : ۳ .

3.الأحزاب (۳۳) : ۵۳ .

4.مضمون بعض الأخبار يوجد في : مسند أحمد ۳ : ۴۴۹ و ۵ : ۴۸ و ۳۹۳ و ۴۰۰ ؛ و صحيح البخاري ۴ : ۱۱۰ ؛ صحيح مسلم ۷ : ۶۸ و ... .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7330
صفحه از 640
پرینت  ارسال به