قلت : إنّك إذا تأمّلت تجد هذا الكلام مشتملاً على أُمور مدخولة ؛ فإنّ المخَضْرَمين ـ على ما ذكره غير واحد من أهل العلم و الفضل ـ هم الذين أدركوا الجاهليّة و زمن النبيّ صلى الله عليه و آلهو أسلموا و لم يروه ، و عدّهم مسلم في صحيحه عشرين نفسا . ۱
نعم ، قال بعضهم معترضا على مسلم : و هم زادوا ممّن لم يذكره مسلم ، أبا مسلم الخولاني و الأحنف . و كيف كان فلا وجه لتردّده في ذلك بقوله : «و لكن لم يعرف هل لقوه أم لا؟» ۲
و من هنا بان عدم استقامة كلامه : «ولو كان مجرّد المعاصرة يكتفى به في التدليس لكان هؤلاء مدلّسين» .
و بيان ذلك أنّ هذا إنّما يلزم لو أوهموا السماع و لم يتحقّق هذا قطعا للجزم بعدم لقائهم النبيّ صلى الله عليه و آله .
فإن قلت : إنّ هذا القدر من الكلام غير كافٍ في المقام ، فما تقول بين المرسل الخفي و بين المدلّس ، و ما الحيلة في دوران الأمر بينهما؟
قلت : بعد حمل المرسل هاهنا على مطلق الانقطاع ؛ نظرا إلى أنّ المرسل المصطلح عند أكثر العامّة هو ما سقط منه الصحابي ، نقول : إنّ جملة من الأُصول و إن عورضت بمثلها في المقام إلاّ أنّ مقتضى قاعدة حمل فعل المسلم و قوله على الصحّة تقضي بالحكم بالإرسال الخفي دون التدليس.
و بالجملة : فإنّ هذا يجري في مقام احتمال الأمرين ، سواء قلنا : بدخول الإرسال الخفي في حدّ التدليس أم لا . فخذ الكلام بمجامعه و لاتغفل.
تذييل : في بيان جملة من الأُمور
فاعلم أنّهم اختلفوا في أنّ التدليس هل هو جرح ، بمعنى أنّه هل تقبل الرواية