129
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

المدلّسة؟ و هل تقبل رواية من عرف بالتدليس في غير ما دلّس به؟ على أقوال:
فقيل : هو مانع من قبول الرواية مطلقا.
و قيل : لايمنع من ذلك على الإطلاق بل ما علم تدليسه فيه يردّ و ما لا فلا ؛ إذ المفروض أنّ المدلِّس ثقة ، و التدليس ليس بكذب بل تمويه .
و قيل : التدليس بالمعاريض ليس بجرح ؛ لأنّ قصده التوهيم غير واضح.
و قيل : إن صرّح بما يقتضي الاتصال ك «حدّثنا» و «أخبرنا» و «سمعته» فمقبول محتجّ به ، و إن أتى بما يحتمل الأمرين ك «عن» و «قال» : فحكمه حكم المرسل و أنواعه.
و قيل : يفرّق بين «حدّثني» و «أخبرني» فيجعل الأوّل كالسماع ، و الثاني متردّدا بين المشافهة و الإجازة و الكتابة و الوجادة.
هذا ، و الحقّ أنّ التدليس غير قادح في العدالة ، و لكن تحصل به الريبة في إسناده فلا يحكم باتّصال سنده إلاّ مع إتيانه بلفظ لايحتمل التدليس ، بخلاف غير المدلِّس فإنّه يحكم لإسناده بالإتصال حيث لا معارض له.
ثمّ اعلم أنّ عدم اللقاء يوجب التدليس ، و يعرف عدم الملاقاة بإخبار المدلِّس عن نفسه ، أو بجزم حاذق كامل من أهل الصناعة بذلك ، و لايكفي أن يقع في بعض الطرق زيادة راوٍ بينهما ؛ لاحتمال أن يكون من المزيد و لايحكم في هذه الصورة بحكم كلّي لتعارض احتمال الاتّصال و الانقطاع.
هذا و قيل : إنّ الخطيب قد صنّف فيه كتاب «التفصيل لمبهم المراسيل» ، و كتاب «المزيد في متّصل الأسانيد». ۱

و منها : المعتبر

اعلم إنّ كون الحديث معتبرا إمّا لأجل كون سنده من الصحاح أو من الحسان أو

1.نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر : ۸۴ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
128

قلت : إنّك إذا تأمّلت تجد هذا الكلام مشتملاً على أُمور مدخولة ؛ فإنّ المخَضْرَمين ـ على ما ذكره غير واحد من أهل العلم و الفضل ـ هم الذين أدركوا الجاهليّة و زمن النبيّ صلى الله عليه و آلهو أسلموا و لم يروه ، و عدّهم مسلم في صحيحه عشرين نفسا . ۱
نعم ، قال بعضهم معترضا على مسلم : و هم زادوا ممّن لم يذكره مسلم ، أبا مسلم الخولاني و الأحنف . و كيف كان فلا وجه لتردّده في ذلك بقوله : «و لكن لم يعرف هل لقوه أم لا؟» ۲
و من هنا بان عدم استقامة كلامه : «ولو كان مجرّد المعاصرة يكتفى به في التدليس لكان هؤلاء مدلّسين» .
و بيان ذلك أنّ هذا إنّما يلزم لو أوهموا السماع و لم يتحقّق هذا قطعا للجزم بعدم لقائهم النبيّ صلى الله عليه و آله .
فإن قلت : إنّ هذا القدر من الكلام غير كافٍ في المقام ، فما تقول بين المرسل الخفي و بين المدلّس ، و ما الحيلة في دوران الأمر بينهما؟
قلت : بعد حمل المرسل هاهنا على مطلق الانقطاع ؛ نظرا إلى أنّ المرسل المصطلح عند أكثر العامّة هو ما سقط منه الصحابي ، نقول : إنّ جملة من الأُصول و إن عورضت بمثلها في المقام إلاّ أنّ مقتضى قاعدة حمل فعل المسلم و قوله على الصحّة تقضي بالحكم بالإرسال الخفي دون التدليس.
و بالجملة : فإنّ هذا يجري في مقام احتمال الأمرين ، سواء قلنا : بدخول الإرسال الخفي في حدّ التدليس أم لا . فخذ الكلام بمجامعه و لاتغفل.

تذييل : في بيان جملة من الأُمور

فاعلم أنّهم اختلفوا في أنّ التدليس هل هو جرح ، بمعنى أنّه هل تقبل الرواية

1.معرفة علوم الحديث : ۴۴ .

2.الباعث الحثيث ۲ : ۵۲۶ ؛ الرواشح السماوية : ۱۸۵ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7137
صفحه از 640
پرینت  ارسال به