119
رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)

بالزيادة ، أم كانت من غير من رواه ناقصا ، و ذلك كحديث : «جعلت لنا الأرض مسجدا و جعلت تربتها لنا طهورا.» ۱ فهذه الزيادة قد تفرّد بها بعض الرواة ، و هو أبو مالك سعيد بن طارق الأشجعي و سائر الرواة رووه : «جعلت لنا الأرض مسجدا و طهورا» ۲ فما رواه الجماعة عامّ يتناول أصناف الأرض من التراب و الرمل و الحجر ، و مرويّ أبي مالك مختصّ بالتراب.
و فريق من علماء علم الحديث يردّها مطلقا . و طائفة تردّها إذا كانت ممّن قدكان رواها ناقصا و تقبلها من غيره.
و قال بعض فضلاء العامّة : «و اشتهر عن جمع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقا من غير تفصيل ، و لايتأتّى ذلك على طريق المحدّثين الذين يشرطون في الصحيح و الحسن أن لايكون شاذّا ، ثمّ يفسّرون الشذوذ بمخالفة الثقة من هو أوثق منه.
و العجب ممّن أغفل ذلك منهم مع اعترافه باشتراط انتفاء الشذوذ في حدّ الحديث الصحيح أو الحسن» . ۳
هذا و أنت خبير بأنّ هذا إنّما نشأ منه عن غفلة محضة ، لأنّه لم يعهد عن أحد أن يقول بقبول الزيادة مطلقا . أي حتّى إذا كانت منافية لمروي سائر الثقات جميعا منافية صرفة ، فلفظة «مطلقا» في كلام جمع إنّما هي في القسم الثاني ، أي في صورة عدم المنافاة ، فيكون المقصود أنّه لايفرّق حينئذٍ بين الصور المحتملة من كون من ذكر الزيادة أوثق ممّن لم يذكرها أو مساويا له أو بالعكس ، أو يكون المقصود سواء كان ذلك من شخص واحد بأن رواه مرّة ناقصة و مرّة بتلك الزيادة ، أو كانت الزيادة من غير من رواه ناقصا ؛ فتأمّل .
ثمّ إنّ الزيادة قد تكون في الطريق بأن يرويه بعضهم بإسناد ذي طبقات ثلاث من رجال ثلاثة مثلاً ، فيزيد آخر في الإسناد طبقة أخرى ، و يضيف إليهم رابعا و يرويه

1.صحيح مسلم ۲ : ۶۴ و ۶۳ .

2.صحيح البخاري ۱ : ۸۶ باب التيمم .

3.نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر : ۶۶ .


رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
118

من الموقوف بالتقييد ؛ لأنّ ذلك يشمل التابعي و من في حكمه و غيرهما أيضا ، و هذا يختصّ بهما فقط . و لايقع على سائر الطبقات ، و كذلك هو مباين للمنقطع بالإرسال . فهذا أولى بعدم الحجّيّة من الموقوف المطلق ؛ لأنّ قول الصحابي من حيث هو صحابي أجدر بالقبول من قول التابعي من حيث هو تابعيّ .
و قيد الحيثيّة احتراز عمّا إذا كان الصحابي و التابعي كلاهما معصومين ، و لوحظ قولهما من حيث هما معصومان .
و منها : المزيد ، على ما في معناه .
قيل : زيادات الثقات فنّ ظريف تتعيّن العناية به ، و قد كان جمع من حذقة الحفّاظ مذكورين بمعرفة الزيادات الفقهيّة في الأحاديث. ۱
ثمّ إنّ الزيادة في المتن بأن تروى فيه كلمة أو كلمات زائدة تفيد معنى زائدا غير مستفاد من الناقص المروي في معناه على أقسام :
أحدها : زيادة تخالف من رواه الثقات ، فهذا مردود قولاً واحدا .
الثاني : أن لاتكون الزيادة مخالفة لما رواه غيره من الثقات ، فهذا مقبول اتّفاقا من العلماء قولاً واحدا .
الثالث : زيادة لفظ في حديث لم يذكرها سائر من رواه و قد يعبّر عن هذا القسم بمخالفة كانت على مرتبة بين المرتبتين ، بأن يكون التخالف بينهما نوعا من الاختلاف كمجرّد مخالفة العموم و الخصوص بأن يكون المرويّ لغير ۲ الزيادة عامّا بدونها فيصير بها خاصّا أو بالعكس .
فمذهب أكثر علماء الأُصول و أهل الحديث من الخاصّة و العامّة أنّها مقبولة معمول بها مطلقا ، سواء كانت من شخص واحد بأن رواه مرّة على النقصان و أُخرى

1.مقدّمة ابن الصلاح : ۶۶ .

2.في الف «لخبر» بدلاً عن «لغير» .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث (الجزءُ الثاني)
    سایر پدیدآورندگان :
    به اهتمام: ابوالفضل حافظیان بابلى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 7244
صفحه از 640
پرینت  ارسال به