ثمّ العجب من بعض العامّة حيث قال : «المقبول ينقسم أيضا إلى معمول به و غير معمول به ؛ لأنّه إن سلم من المعارضة فهو المحكم ، و إن عورض فلايخلو إمّا أن يكون معارضه مقبولاً مثله أو يكون مردودا . فالثاني لا أثر له ؛ لأنّ القوي لايؤثّر فيه مخالفة الضعيف ، و إن كانت المعارضة بمثله فلايخلو إمّا أن يمكن الجمع بين مدلوليهما بغير تعسّف أو لا ، فإن أمكن الجمع فهو النوع المسمّى بمختلف الحديث» . ۱
و وجه الغرابة ظاهر ، اللّهمّ إلاّ أن يكون هذا اصطلاحا منهم فهذا أيضا كما ترى ؛ لأنّه لم يعهد من أحد غيره منهم أن يصرّح بذلك مع أنّه قد قدّم في كلامه أنّ المقبول ممّا يجب العمل به ، فتأمّل.
و منها : المعلّل .
و يسمّونه المعلول أيضا و هو لحن ، و قد أذعن جماعة بأنّ هذا من أغمض أنواع علوم الحديث و أدقّها ، و لايقوم به و لايتمكّن منه إلاّ أهل الحفظ و الخبرة و الفهم الثاقب و من له معرفة تامّة بمعرفة مراتب الرواة و طبقاتهم و ملكة قويّة بالأسانيد و المتون ، و لهذا لم يتكلّم فيه إلاّ القليل من أهل هذا الشأن. ۲
و قال البعض : «إنّ هذا أجلّ علوم الحديث و أشرفها و أدقّها ، بل كاد أن يكون علمنا بذلك كهانة عند غيرنا» ، و قيل : «إن منفعة هذا الفنّ كمنفعة سوفسطيقا في علم البرهان و [في] طريق الجدل» . ۳
و كيف كان ؛ فإنّ العلّة عبارة عن سبب خفي غامض قادح مع أنّ الظاهر السلامة منه ، فالحديث المعلّل هو الذي قد اطّلع فيه على ما يقدح في صحّته و جواز العمل به مع أنّ ظاهره السلامة عن ذلك .
و العلة قد تكون في السند و قد تكون في المتن ، فالتي في السند هي ما يتطرّق إلى