في أوّله و تارةً في أثنائه و تارةً في آخره و هو الأكثر ؛ لأنّه يقع بعطف جملة على جملة ، أو بدمج موقوف من كلام الراوي بمرفوع من كلام النبيّ صلى الله عليه و آله أو الأئمّة عليهم السلاممن غير فصل.
و يدرك الإدراج بورود رواية مفصّلة للقدر المدرج ممّا أدرج فيه ، أو بالتنصيص على ذلك من الراوي أو من بعض الحذقة المطّلعين ، أو باستحالة كون النبيّ صلى الله عليه و آله أو الأئمّة عليهم السلام أن يقولوا ذلك.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ المثال للمدرج المتن ما في طرق العامّة عن أبي هريرة قال : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار» الحديث؛ ۱ فإنّ هذا التدريج قد علم بما جرّح به البخاري ، و ذلك حيث روي عن أبي هريرة «قال : أسبغوا ، فإنّ أبا القاسم صلى الله عليه و آله قال : ويل للأعقاب من النار» . ۲
و من المثال لذلك أيضا ما عن سعيد بن أبي مريم ، عن مالك ، عن الزهري ، عن أنس ، أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «لاتباغضوا و لاتحاسدوا و لاتدابروا و لاتنافسوا» الحديث، ۳ فقوله : «لاتنافسوا» أدرجه ابن مريم من متن حديث آخر رواه مالك ، عن أبي زياد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة و فيه : «لاتجسّسوا و لاتحسّسوا و لاتنافسوا و لاتحاسدوا .» ۴
هذا ، و أنت خبير بأنّ كلا الحديثين متّفق عليه عند العامّة و قد صنّف جمع من علماء العامّة كتبا في المدرج فقيل : في شأن ما كتبه الخطيب أنّه شفى و كفى. ۵
و منها : الغريب و العزيز .
فاعلم أنّه قد قرّر عند حذقة هذه الصناعة أنّ العدل الضابط ممّن يجمع حديثه و
1.قد رواه عن عبد اللّه بن عمرو مسند أحمد ۲ : ۱۶۴ و ۱۹ .
2.صحيح مسلم ۱ : ۱۴۸ ؛ سنن الدارمي ۱ : ۱۷۹ باب ويل للأعقاب من النار.
3.مسند احمد ۲ : ۳۹۳ ؛ صحيح مسلم ۸ : ۸ .
4.صحيح مسلم ۸ : ۱۰ .
5.فقد سمّاه «الفصل للوصل المدرج في النقل» . مقدمة ابن الصلاح : ۷۷ .