55
فائقُ المَقال في الحديث و الرجال

سمَعْنا تلك الأحاديث من أصحاب أصحابه . وقد صنّف الذهبي كتاباً في تبيين كذب ذلك اللعين وسمّاه : كسر وثن بابارُتَّن . والأحاديث الموضوعة أكثر من أن تحصى . ۱ انتهى .
وأقول : فعليك بمعرفة الأحاديث وأحوالها ، وأسانيدها ورجالها مع الفكر العميق ، والنظر الدقيق ، بالدرك الوقّاد ، والذهن النقّاد ، وملازمة الورع والتقوى ، والتمسّك بالحبل الأقوى في العمل والفتوى لتفوز بالرضوان ونعيم الجنان .

[ ۲۳ ] فَصلٌ

[ طرق الشيخ الطوسي ]

[ في ] ما ذكره الشيخ ـ أطاب اللّه ثراه ، وجعل الكرامة مأواه ـ في آخر كتابي التهذيب والاستبصار ، وما يستفاد منه .
فذكر في أواخر التهذيب ما هذا لفظه :
قال محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسي : كنّا شرطنا في أوّل هذا الكتاب أن نقتصر على إيراد شرح ما تضمّنته الرسالة المقنعة ، وأن نذكر مسألةً مسألةً ، ونورد فيها الاحتجاج من الظواهر والأدّلة المفضية إلى العلم ، ونذكر مع ذلك طرقاً من الأخبار التي رواها مخالفونا ، ثمّ نذكر بعد ذلك ما يتعلّق بأحاديث أصحابنا رحمهم اللّه ، ونورد المختلف في كُلّ مسألة منها والمتّفق عليها ، ووفينا بهذا الشرط في أكثر ما يحتوي عليه كتاب الطهارة ، ثمّ رأينا [ أنّه يخرج ] بهذا البسط عن الغرض وتكون مع هذا الكتاب مبتوراً غير مستوفى ، فعدلنا عن هذه الطريقة إلى إيراد أحاديث أصحابنا رحمهم اللّه ، المختلف فيه والمتّفق عليه ، ثمّ رأينا بعد ذلك أنّ استيفاء ما يتعلّق بهذا المنهاج أولى من الإطناب في غيره فرجعنا وأوردنا من الزيادات ما كنّا أخللنا به ، واقتصرنا من إيراد الخبر على

1.الأربعون حديثاً للشيخ البهائي : ۱۳۳ـ۱۳۵ ، الحديث ۲۱ .


فائقُ المَقال في الحديث و الرجال
54

الموضوعة ، وعدّوا من تلك الأحاديث :«السعيد من وعظ بغيره» ، «الشقيّ من شقي في بطن اُمّه» ، «الجنّة دار الأسخياء» ، «طاعة النساء ندامة» ، «دفن البنات من المكرمات» ، «اطلبوا الخير من حسان الوجوه» ، «لاهمّ إلاّ همّ الدين ، ولا وجع إلاّ وجع العين» ، «الموت كفّارة لكلّ مسلم» ، «إنّ التجّارهم الفجّار» .
قال الصغاني في كتاب الدرّ الملتقط ۱ : ومن الموضوعات : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «إنّ اللّه يتجلّى للخلائق يوم القيامة عامّةً ، ويتجلّى لك يا أبابكرٍ خاصّةً» .
وأنّه قال : «حدّثنى [ جبرئيل ] أنّ اللّه تعالى لمّا خلق الأرواح اختار روح أبيبكر من بين الأرواح» . وأمثال ذلك كثيرة .
ثمّ قال الصغاني : وأنا أنتسب إلى عمر ، وأقول فيه الحقّ ؛ لقول النبيّ صلى الله عليه و آله : «قولوا الحقّ ولو على أنفسكم والوالدين والأقربين» .
فمن الموضوعات ما روي : «أنّ أوّل من يعطى كتابه بيمينه عمر بن الخطّاب ، وله شعاع كشعاع الشمس» ، قيل : فأين أبوبكر؟ قال : سرقته الملائكة» .
ومنها : «من سبّ أبابكر وعمر قتل ، ومن سبّ عثمان وعليّاً جلد الجلدة» . إلى غير ذلك من الأحاديث المختلقة .
ومن الموضوعات : «زُرغبّاً تزدد حبّاً» ، «النظر في الخضرة يزيد في البصر» ، «من قاد أعمى أربعين خطوةً غفر اللّه له» ، «العلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان» . انتهى كلام الصغاني منقّحاً .
وقد ظهر في الهند بعد الستّمائة من الهجرة شخص اسمه «بابا رُتَّنْ» ادّعى أنّه من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأنّه عمّر إلى ذلك الوقت . وصدّقه جماعةٌ ، واختلق أحاديث كثيرة زعم أنّه سمعها من النبيّ صلى الله عليه و آله . قال صاحب القامُوس :

1.في المخطوطتين : «الصنعاني» والصحيح ما أثبتناه كما في شرح البداية : ۶۲ ، والخلاصة في اُصول الحديث : ۷۷ . وهو الحسن بن محمّد بن الحسن القرشي الصغاني اللغوي الفقيه المحدّث (۵۷۷ـ۶۵۰) . راجع روضات الجنّات ۳ : ۹۴-۹۶ ، معجم الاُدباء ۹ : ۱۸۹ـ۱۹۱ ، معجم المؤلّفين ۳ : ۲۷۹ . وكتابه «الدر الملتقط في تبيين الغلط» طبع بتحقيق أبو الفداء عبد اللّه القاضي في بيروت ، دارالكتب العلميّة ، الطبعة الاُولى ، ۱۴۰۵ .

  • نام منبع :
    فائقُ المَقال في الحديث و الرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    احمد بن عبدالرضا البصری، تحقیق: غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2621
صفحه از 376
پرینت  ارسال به