51
فائقُ المَقال في الحديث و الرجال

عزّوجلّ : «و إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم و إن يقولوا تسمع لقولهم» ۱ ثمّ بقوا بعده فتقرّبُوا إلى أئمّة الضلالة والدُعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولّوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا . وإنّما النّاس مع الملوك والدنيا إلاّ من عصمه اللّه سُبْحانه . فهذا أحد الأربعة .
ورَجُل سمع من رَسُول اللّه صلى الله عليه و آله شيئاً لم يحمله على وجهه ووَهَم فيه ، فلم يتعمّد كذباً فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه ، ويقول : أنا سمعته من رسُول اللّه صلى الله عليه و آله ، فلو علم المُسْلمُون أنّه وَهَم لم يقبلوه ، ولو علم هو أنّه وَهَم لَرَفضه .
ورجل ثالث سمع من رسُول اللّه صلى الله عليه و آله شيئاً أمَرَ به ثمّ نهى عنه وهو لايعلم ، أو سمعه ينهى عن شيءٍ ثمّ أمر به وهو لايعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، فلو علم أنّه منسوخ لَرَفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لَرفضوه .
ورَجُل رابع لم يكذب على رسُول اللّه صلى الله عليه و آله ، مبغض للكذِب خوفاً من اللّه وتعظيماً لرسُول اللّه صلى الله عليه و آلهلم ينس بل حفظ ماسمع على وجهه فجاء به كما سمع ، لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ . فإنّ أمر النبيّ صلى الله عليه و آله مثل القرآن ، ناسخ ومنسوخ ، وخاصّ وعامّ ، ومحكم ومتشابه ، وقد كان يكون من رسُول اللّه صلى الله عليه و آله الكلام له وجهان : كلام عامّ وكلام خاصّ ، مثل القرآن ، وقال اللّه عزّوجلّ في كتابه : « ما آتاكم الرسُول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا » ۲ فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى اللّه به ورسُوله صلى الله عليه و آله . وليس كُلّ أصْحاب رسُول اللّه صلى الله عليه و آله كان يسأله عن شيء فيفهم . وكان منهم من يسأله ولايستفهمه حتّى أن كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابي [ و ]الطاري فيسأل رسُول اللّه صلى الله عليه و آله حتّى يسمعوا .
وقد كُنْتُ أدخل على رسُول اللّه صلى الله عليه و آله كلّ يوم دخلةً وكل ليلة دخلةً فيخلينى أدور

1.المنافقون (۶۳) : ۴ .

2.الحشر (۵۹) : ۷ .


فائقُ المَقال في الحديث و الرجال
50

[ ۲۲ ] فَصلٌ

كيفية الأخذ بالأحاديث الواردة عن رسُول اللّه عليه وآله صلواتُ اللّه

روى ثقة الإسلام وحجّة الأنام ـ قدّس اللّه روحه ونوّر ضريحه ـ في الكافي في باب اختلاف الحديث ما هذا لفظه :
عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليمانى ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلاليّ قال ، قُلتُ لأميرالمؤمنين عليه السلام : إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن النبيّ صلى الله عليه و آله غير مافي أيدي الناس ، ثمّ سَمعْتُ منك تصديق ماسَمعْتُ منهم . ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبيّ اللّه صلى الله عليه و آله أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل . أفَتَرى الناس يكذبون على رسُول اللّه صلى الله عليه و آله متعمّدين ، ويفسّرون القرآن بآرائهم؟ قال : فأقبل عليّ عليه السلام فقال :
قد سألتَ فافهم الجواب :
إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسُوخاً ، وعامّاً وخاصّاً ، ومُحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً ، وقد كذب على رسُول اللّه صلى الله عليه و آله في عهده حتّى قام خطيباً فقال : أيّها الناس قد كثرت عليّ الكذّابةُ فمن كذب عليّ متعمِّداً فليتبوّء مقعده من النار ، ثمّ كُذب عليه من بعده .
وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : رَجُل منافقٌ يظهر الإيمان ، متصنّع بالإسلام ، لايتأثّم ولايتحرّج أن يكذب على رسُول اللّه صلى الله عليه و آله متعمّداً ، فلو علم الناس أنّه منافق كذّاب لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه ، ولكنّهم قالوا : هذا قد صحب رَسول اللّه صلى الله عليه و آله وروى عنه ۱ وسمع منه ، فأخذوا عنه وهم لايعرفون حاله . وقد أخبره اللّه تعالى عن المنافقين بما أخبره ، ووصفَهُم بما وصفهم . فقال

1.في المصدر : «ورآه» بدل «وروى عنه» .

  • نام منبع :
    فائقُ المَقال في الحديث و الرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    احمد بن عبدالرضا البصری، تحقیق: غلامحسین قیصریه ها
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2661
صفحه از 376
پرینت  ارسال به