ومنها : وجوده في الفقيه والكافي وأحد كتابى الشيخ ؛ لاجتماع شهادتهم على صحّة أحاديث كتبهم ، أو على أنّها مأخوذة من الأُصول المجمع على صحّتها .
وأنت خبير بأنّ الغرض إن كان استفادةَ القطع من مجموع هذه القرائن ، فعلى فرض تسليم ذلك غير مفيد في قطعيّة كلّ تلك الأخبار ؛ فإنّ أكثرها خالٍ عن أكثرها ، وإن كان استقلالَ كلٍّ في ذلك فهو أشنعُ ، مضافاً إلى تأكيدها للحاجة إلى ذلك العلم .
أمّا الأوّل ، فأوّلاً : بأنّ ذلك عين معرفة الرجال ؛ إذ ليس المراد خصوصَ معرفتهم من كتاب خاصّ .
وثانياً : أنّ دعوى حصول ذلك القطع في غير مثل سلمان ونحوه مكابرة .
وثالثاً : أنّ ذلك الخبر من أين عُرف كونه من مثل ذلك الراوي ؛ فإنّ مجرّد الإنتساب لا يفيد إلاّ الظنّ ؟
ورابعاً : أنّ عدالة الراوي مانعة من الإفتراء ومن التعمّد ولا مانعة من سهوه ونسيانه وخطئه ، وذلك الإحتمال احتمال عادي .
وخامساً : وجود ذلك الإحتمال في ناقل تلك الأُصول مثل الصدوق .
وسادساً : وجوده في الكاتب كما يشهد به اختلاف النسخ ، بل يكفي وجود ذلك الإحتمال في رواية مجهولة في المنع عن حصول القطع بتفاصيل ما في تلك الكتب .
والحاصل : أنّ دعوى الجزم من خبر الثقة المشافه قبل التنبيه على الغفلة عن احتمال السهو والنسيان ممّا لا يمكن إنكارها .
وأمّا دعواه في حقّ أخبار كتبنا بعد تمادي الأيّام المتداولة وسنوح السوانح ، ووقوع ما وقع من الغفلات والزلاّت والإشتباهات ، واحتمال اختلاط الأُصول المعتمدة بغيرها ونحوها ، ففي غاية البُعد من أهل الإنصاف .
وأمّا الثاني ، فلأنّ التعاضد الموجب للقطع إن كان ، ففي غاية القلّة ، وغيره