فخرج بالتعريف ما عدا المعرّف حتّى علم الدراية الذي هو أشدّ لصوقاً بذلك العلم من غيره ؛ فإنّه العلم الباحث عن سند الحديث ومتنه وكيفيّة تحمّله وآداب نقله ، وذلك لأنّ قولنا في هذا التعريف : «عن سند الحديث» وإن كان يوهم اندراج علمنا في علم الدراية لكنّ الفرق بينهما واضح ؛ فإنّ في قولنا : «هذا الحديث ممّا سلسلة سنده ثقات ، وكلّ ما كان كذلك فهو صحيح» مثلاً ، يعرف صغراه بعلمنا وكبراه بعلم الدراية ، فهما مشترِكان في البحث عن السند ومفترِقان من حيث كون البحث في كلٍّ منهما من جهةٍ تخالف الآخر .
وربما يعرّف ب «علمٍ يعرف به أحوال الخبر الواحد صحّةً وضعفاً وما في حكمهما بمعرفه سنده وسلسلة رواته ذاتاً ووصفاً ، مدحاً وقدحاً وما في معناهما.» ۱
وأنت خبير بأنّ المرتبط بالمقام هو الجزء الأخير منه ، فلا حاجة إلى زيادة الجزء الأوّل حتّى يندرج في التعريف علم الدراية فتقعَ الحاجة إلى إخراجه بالجزء الأخير ، مضافاً إلى التأمّل في كونه مخرجاً ؛ فإنّ هذين العلمين متعانقان ، فمن يحتاج إلى معرفة كون الخبر صحيحاً بعلم الدراية والحكمِ عليه بالصحّة يحتاج إلى إثبات الصغرى حتّى يرتّب عليها الكبرى ، فيصدقَ عليه بعد ذلك أنّه عارف بصحّة الخبر بسبب معرفة السند .
فتطبيق هذا التعريف على علم الدراية أظهرُ من تطبيقه على علم الرجال ؛ فتدبّر .
ثمّ إنّ الخبرَ في مصطلح أصحابنا عبارة عمّا انتهى إلى المعصوم كما صرّح به القوم ، والواحدَ في مقابل المتواتر .
فيرد أمران :
الأوّل : أنّ المعلوم بهذا العلم رجال السند ، سواء انتهى إلى المعصوم