الباب الثالث

في ذكر جملة ممّا يميَّز به الأسامي والألقابُ أو الكنى المشتركةُ

منها : كلّ واحد من الثلاثة إذا كان الإشتراك في الآخَر إذا كان ذلك المميّز مذكوراً في السند كما في قليل من المواضع كسند الصحيفة مثلاً .
ومنها : النسبة كما لو اختلف المشتركون في واحد من الثلاثة في كون كلّ واحد مولى لمن يغاير الآخَر .
ومنها : المعصوم الذي كان الراوي من أصحابه ؛ فإنّ أصحابهم مضبوطون في الرجال .
ومنها : المكان .
ومنها : الزمان .
ومنها : الأب .
ومنها : الجدّ الداني منه والعالي .
ومنها : الراوي .
ومنها : المرويّ عنه .
والغالب في أسباب الإمتياز هو الأربعة الأخيرة وماعداها في غاية الندرة .

وما يُتراءى من عدم تأمّل المشهور ـ على ما حكي ـ في مثل يعقوب بن يزيد وحذيفة بن منصور ونحوهما من هذه الجهة ، فلعلّه لعدم مقاومتها التوثيقَ المنصوص أو المدحَ المنافي باحتمال كونها بإذنهم عليهم السلام أو تقيّةً وحفظاً لأنفسهم أو غيرهم أو اعتقاد الإباحة أو غير ذلك من الوجوه الصحيحة .
إلاّ أن يقال : ـ بعد ثبوت كون مقلّد هذه الأعمال من المسلمين ـ لا يمكن الجزم بتحقّق هذه الأعمال منهم على وجه الفساد ، بل لا يجوز القدح بمجرّد ذلك ؛ لما تقرّر من أنّ الأصل في أعمال المسلمين الصحّة ولا عبرة بالظنّ الحاصل من الغلبة ، ولا سيّما بعد ملاحظة ما ورد منهم : «ضع أمر أخيك على أحسنه » ^۱ و«كذّب سمعك وبصرك ما تجد إليه سبيلاً » ^۲ ونحوهما .
ومنها : قولهم : «فلان كان يشرب النبيذ» ، بل قد يذكر ذلك في الأجلّة أيضاً ، وفي بعضهم كانوا يأكلون الطين كما في داود بن القاسم .
وكونه موجباً للقدح في غير الأجلاّء واضح إلاّ أن يلاحظ القاعدة المذكورة ^۳ فيحمل مثل صدور شرب النبيذ المحرّم عنهم أو عن الإجلاّء ـ على فرض الثبوت ـ على أنّ النبيذ لم يكن من النبيذ المحرّم كما يظهر من بعض الأخبار ، أو كانوا جاهلين بالحرمة ، أو كان ذلك في الأجلّة قبل وثاقتهم وجلالتهم ، فيكون حالهم حالَ الثقات والأجلّة الذين كانوا فاسدي العقيدةِ ورجعوا . وكذلك الكلام في الطين .
ولعلّ السرّ في أنّ أهل الرجال لم يذكروا في تراجمهم أنّهم فسّاق بل ذكروا شربَهم النبيذَ وتقليدَهم كتابةَ الخليفة ونحوهما لعدم جواز الحكم بالفسق بمجرّد ذلك . واللّه أعلم .