بخلافه فيما نحن فيه ؛ فإنّ طعن من يكثر الطعن في الرجال كابن الغضائرى لا عبرة به بنفسه مع كونه معارَضاً بمدح كثير في كثير من المواضع ، والطعن من غيره بالنسبة إلى من مدحوه في غاية القلّة ، فتبطل ۱ المقايسة .
ثمّ إنّ التعديل في مقابل الجرح ، والتصحيحَ في مقابل التضعيف . ومن البيِّن أنّ كليهما في الأغلب ممّا أخبروا به اجتهاداً لا روايةً وشهادةً . ومن البيِّن أنّ ذلك الإخبار من أهل الخبرة من أسباب الظنّ ، والمعارضُ للتعديل هو الجرح ، فلابدّ في الأخذ بكلٍّ منهما من ملاحظة عدم المعارض أو ضعفه . وكذا الكلام في التصحيح والتضعيف ؛ فتدبّر .
[ توثيقات المتأخّرين ]
وربما يُسمع من بعض أفاضل المعاصرين عدمُ جواز الاكتفاء بتعديل العلاّمة ومن تأخّر عنه مستدلاًّ بأنّهم ليسوا من أهل الخبرة في هذا الفنّ ، وليس مكتوبهم إلاّ النقل عن الغير ، وعلى فرض عدم النقل فهو ناشٍ من اجتهادهم . ۲
ولكنّك خبير بأنّ هذه المقالة إنّما تتمّ بعد إثبات معاشرة القدماء من أهل الرجال للرواة وحصولِ القطع لهم بعدالتهم بها ، أو إثباتِ وجود القرائن الموجبة لذلك لهم وعدمهما للعلاّمة ونحوه .
هذا إن أوجبنا القطع في صدق مفهوم الشهادة عرفاً . وإن اكتفينا بالظنّ في الصدق في مقام التعديل فكذلك .
فإن بنينا على كون التعديل من باب الشهادة ـ كما اختاره ذاك الفاضل مستدلاًّ بصدق موضوع الشهادة على التوثيق والجرح عرفاً ، سواء كان باللفظ أو بالكَتْب ؛