ثمّ إنّه في شرحه هذا وفي شرح الشرائع نقل عن الشيخ قوله :
يجوز أن يكون ابن بكير أسند ذلك إلى زرارة ؛ نصرةً لمذهبه الذي كان أفتى به ، وأنّه لمّا رأى أصحابه لايقبلون مايقوله برأيه أسنده إلى من رواه عن أبي جعفر عليه السلام ، وليس عبد اللّه بن بكير معصوماً لايجوز عليه هذا ، بل وقع منه من العدول عن اعتقاد مذهب الحقّ إلى اعتقاد مذهب الفطحيّة ما هو معروف من مذهبه ، والغلط في ذلك أعظم من الغلط في إسناد فتيا ۱ يعتقد صحّتها ؛ لشبهة دخلت عليه إلى بعض أصحاب الأئمّة عليهم السلام . ـ ثمّ قال ـ : والعجب مع هذا القدح العظيم من الشيخ في عبد اللّه بن بكير أنّه قال في كتاب الرجال : إنّ العصابة أجمعت على تصحيح ما يصحّ عنه ، وأقرّوا له بالفقه والثقة ، وذكر غيره من علماء الرجال كذلك . وهذا الخبر ممّا صحّ عن عبد اللّه بن بكير ؛ لأنّ الشيخ في التهذيب رواه عن محمّد بن [على بن ]محبوب ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عنه ، عن زرارة والجميع ثقات . ۲
قلت : دريتَ أنّ شذود الخبر ليس ينافي صحّته ، وهذا الخبر الشاذّ المنافي لعموم القرآن الكريم يجب الإعراض عنه مع صحّته ؛ لكونه على خلاف ما عليه سائر علماء الإسلام ، وأيضاً ليس يبعد أن يكون الشيخ مشترطاً في صحّة مرويّ الثقة غير الإمامي أن لايكون هو محتاجاً إلى روايته إيّاه في تقوية رأيه وترويج معتقده ، كما اشترطه غيره . ومغزى كلامه تجويز أن يكون ابن بكير قد أسند ذلك إلى زرارة نصرةً لمذهبه ؛ لشبهة دخلت عليه فزيّنت له رأيه ورَوَّجَتْهُ عليه فتأكّد في ذلك ظنّه إلى حيث قد ظنّ استناده فيه إلى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، فسوّغ ذلك الإسنادَ ؛ لمجرّد هذا الظنّ ، وهذا كثيراً مّا يقع للإنسان فيما يعتقده ويراه ويحبّه ويهواه ؛ إذ حبّك للشيء يعمي ويصمّ ، لاتجويز وقوع ذلك منه على سبيل الاختلاق والوضع ، فإذن لاتصادم بين هذا التجويز ، وبين نقل ذلك الإجماع ، ولابين صحّة هذا الحديث ،